بعد أن كان السجال اللبناني الداخلي حول موضوع قانون الانتخاب يتركز وبشكل رئيسي في الفترة الماضية بين تيار «المستقبل» وحلفائه من جهة و«التيار الوطني الحر» وما يُعرف بـ«الثنائي الشيعي» والمتمثل بـ«حزب الله» وحركة أمل من جهة أخرى، نجح رئيس الحكومة سعد الحريري في الأيام الماضية برمي الكرة في ملعب خصومه السياسيين مع إعلانه ووزير الداخلية نهاد المشنوق، أن «النسبية» أصبحت أمراً واقعاً في أي قانون انتخابي مقبل، فاتحاً بذلك النقاش حول حجم «النسبية» وعدد الدوائر. ويتمحور الخلاف بشكل رئيسي حاليا حول مطالبة «حزب الله» وحركة «أمل» وباقي حلفائهما في قوى «8 آذار» باعتماد النسبية الكاملة ولبنان دائرة انتخابية واحدة، مقابل معارضة «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» لهذا الطرح، وتمسك كل منهم بمشاريع قوانين أخرى لا ترضي الثنائي الشيعي. ورغم قرار القوى السياسية مجتمعة إعطاء الأولوية لملف قانون الانتخاب على حساب باقي الملفات وأبرزها «سلسلة الرتب والرواتب» التي من شأن إقرارها زيادة رواتب موظفي القطاع العام والمدرسين، فإن انشغال رئيسي الجمهورية والحكومة كما وزير الخارجية جبران باسيل بالمشاركة في القمة العربية في الأردن، أخّر تلقائياً النقاش حول قانون الانتخاب الذي لا يزال محصوراً إلى حد بعيد بإطار اجتماعات رباعية تضم ممثلين عن القوى السياسية الرئيسية. وأوحت المواقف التي أطلقها أمس عضو المجلس المركزي في «حزب الله» نبيل قاووق، بحجم الخلاف بين القوى السياسية، إذ حذّر «من مغبة عدم التوصل إلى اتفاق على قانون انتخاب»، منبهاً من السير نحو أزمة «هي الأصعب منذ سنوات». وقال قاووق خلال احتفال مناطقي إنه عندما يتم التحدث عن مأزق انتخابي فإن ذلك لا يعني فريقاً دون آخر، وإنما يعني الجميع. وأرجع «السبب الرئيسي في عدم الاتفاق على هذا القانون إلى تمترس كل فريق بموقفه مما جعل المسار معقداً»، موضحا أن «مسار الاتفاق على قانون انتخابي جديد يتعقد أكثر فأكثر، ونقترب كلبنانيين من انتهاء المهل، وبالتالي من الدخول في المجهول». وردّت مصادر في «التيار الوطني الحر» عمّا يحكى عن خلاف بين التيار و«حزب الله» حول قانون الانتخاب، مؤكدة وجود وجهات نظر مختلفة بين الطرفين، وأضافت: «إلا أن الإشكالية لا تتمركز هنا، باعتبار أننا لم نتفق مع باقي الفرقاء على مشروع قانون واختلفنا بخصوصه مع (حزب الله)». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الخلاف متشعب والتعقيدات كثيرة، لكن ما يترك فينا نوعاً من الاطمئنان أننا تصدينا لكل الخيارات المرة التي كان يمكن اللجوء إليها للهرب من مسؤوليتنا بإنتاج قانون جديد، كالتمديد أو إجراء انتخابات وفق قانون الستين، وبات اليوم كل الفرقاء أمام خيار واحد هو الاتفاق على قانون». وأوضحت المصادر أن «نقطة الخلاف الأساسية بين ما نطرحه وما يطرحه الثنائي الشيعي هي الدوائر الانتخابية، فنحن لسنا ضد النسبية الكاملة، لكننا ضد انتخابات بالنظام النسبي وفق لبنان دائرة واحدة». وأضافت: «نحن مثلا نؤيد مشروع القانون الذي تقدم به وزير الداخلية السابق مروان شربل الذي يقول بالنسبية الكاملة وتقسيم لبنان إلى 13 دائرة». ويعتبر «التيار الوطني الحر» أن طرح «حزب الله» الانتخابي، لا يسمح للناخبين المسيحيين باختيار نوابهم الـ64 بل يتيح للمسلمين باختيار قسم كبير منهم، وهو ما يجعل التيار يرفض أيضا إجراء الانتخابات وفق قانون الستين الذي تم اعتماده في عام 2009. وقد تقدم رئيس التيار ووزير الخارجية جبران باسيل خلال الأشهر القليلة الماضية 3 طروحات تعتمد النظام المختلط ما بين النسبي والأكثري إلا أن معظمها جوبهت بالرفض. ويتلاقى حزب «القوات اللبنانية» مع «التيار الوطني الحر» على النظام المختلط، وإن كانا لم يتفقا بعد على تفاصيل القانون. وأمس، جدد رئيس حزب «القوات» سمير جعجع التأكيد على رفض النسبية الكاملة «لأنها سواء كانت على أساس لبنان دائرة واحدة أو على أساس 13 أو 15 دائرة، فهي تعني الديمقراطية العددية التي تتناقض مع جوهر وروح اتفاق الطائف والميثاق الوطني والتعايش في لبنان»، معتبراً في تصريح له أن «الهدف من الترويج للنسبية الكاملة هو تطبيق الديمقراطية العددية».
مشاركة :