ماذا ستترك لأبنائك بعد رحيلك من هذه الدنيا البائسة: «فلوس٬ جاه٬ ممتلكات٬ أم تقوى الله؟ الخيار لك...».سأذكر لكم رواية من الأثر، وأترك لكم التعليق بعد - لو سمحتم - قيامكم من إسقاط ما جاء في سياقها على الواقع من حولكم.تقول الرواية إنه دخل رجل على المنصور، رحمه الله٬ يوم بويع بالخلافة، فقال له المنصور، عظني. فقال: آعظك بما رأيت أم بما سمعت؟ (لاحظ رد بما رأيت أم بما سمعت)، قال: بل بما رأيت.قال يا أمير المؤمنين... إن عمر بن عبدالعزيز أنجب 11 ولدا وترك لهم 18 ديناراً، كفن بخمسة دنانير، واشتري له قبر بأربعة دنانير ووزع البقية على أبنائه.وهشام بن عبدالملك أنجب 11 ولدا٬ وكان نصيب كل ولد من التركة ألف ألف دينار (أي مليون)... والله يا أمير المؤمنين: لقد رأيت في يوم واحد، أحد أبناء عمر بن عبدالعزيز يتصدق بمئة فرس للجهاد في سبيل الله٬ وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق.وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت: ماذا تركت لأبنائك يا عمر؟ قال: تركت لهم تقوى الله٬ فإن كانوا صالحين فالله يتولى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله (منقول).فماذا أريد منك أن تستخلص منها؟ وكيف لك الخروج بفهم للحقيقة الغائبة؟تذكر قول الله عز شأنه «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم٬ إن الله عليم خبير».إذن المسألة ليست مسألة جنسية، وظيفة مرموقة، جاه، ملك، مناقصة، ثروة، واسطة... إنها مختلفة.والتقوى منها مخافة الله في إعطاء كل ذي حق حقه والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص والوفاء والرحمة، وهي مذكورة في الدستور الكويتي الذي جاء في مادته الثانية «دين الدولة الإسلام...»، لكننا واقعياً لا نمارس أدنى مستوى من هذه الحقوق، ولم نقم بالواجبات المنوطة بنا، حتى في طريقة نصح بعضنا البعض.عن الكويت عرضنا من النماذج السلبية، الشيء الكثير وصورنا حالة التيه القيادي والإداري، وكيف إن سبب تراجع وضعنا على الأصعدة كافة، يعود لسبب واحد وهو إننا طبقنا قول «إذا وسد الأمر لغير أهله»، وهي من علامات الساعة.فما هي كذبة أبريل «الكويتية»؟إنها وإن كنت غير مقتنع بقول «كذبة أبريل»، لكن من باب التصوير ليس إلا... فمن قال لك، نحن بصدد تجديد الدماء وتغيير القياديين واستبدالهم بالكفاءات من دون الإعلان عن وظائف شاغرة يتقدم لها من يجد في نفسه وقدراته الحق في التقدم، فاعلم انها صورة من كذبة أبريل؟إذا قيل لك... في الانتخابات سنبحث عن التغيير والتصويت للكفاءات، وهو يعلم أن تركيبة المجتمع بلغت حد الحسد والكبر، مستوى متقدم، و«التعنصر»، إلى أعلى مستوى، وصل إلى حد «الأسرة» فاعلم انه يتحدث عن نموذج آخر من نماذج كذبة أبريل.لذلك٬ فالرواية التي بدأنا بها المقال نقصد منها توضيح الأمر... فماذا ستخلف لأولادك؟نريدك من باب توجيه النصيحة أن تقدم التقوى في الاختيار... والإصلاح وفق المعايير المعتمدة٬ ترك السعي وراء التكسب وتأمين مستقبل لأبنائك لأن الرزق والموت بيد الله عز شأنه٬ عدم السكوت عن واجب الوقوف في وجه نماذج الإفساد الحاصلة٬ والمساهمة في الإصلاح والإبلاغ عن أي خطأ تقع عليه عيناك (لا وفق ما سمعت).مشكلتنا تبقى كما هي، وستظل كما هي في أبريل وغير أبريل، ولهذا السبب لا بد لنا من مراجعة ما جنت أيدينا وما اقترفناه من أخطاء كي لا يشار إلينا بالقول «كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون»، لأن الشاهد من الأمور والمعطيات ان كل شيء أصبح وفق مبدأ «اللي تكسب به العب به»، وهو مبدأ خطير ومهلك... والله المستعان.terki.alazmi@gmail.comTwitter: @Terki_ALazmi
مشاركة :