لا يمكن أن يتصور احد أن تنحدر الاخلاق والمشاعر بالانسان لهذا الحد، بحيث يمر بمركبته على الناس وبدم بارد ويسير على اجساد الاطفال والنساء. فوالله لو كان الانسان انساناً لارتجف لو فعل ذلك بقطة، فما بالك بمن يمر على البشر ويقتلهم بكل برود! لكن من الخطأ أن يعتذر ويتبرأ المسلمون من الحدث وكأنهم مُلامون بشكل أو بآخر بفعل حادثة نيس أو الجرائم الأخرى. مخطئون لأن هذه الجرائم لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد. هذه الجرائم كانت بفعل انحرافات فكرية، واول من قاومها المسلمون الاوائل بقيادة الامام علي بن أبي طالب وقضى عليهم في مهدهم وحذر منهم. لذلك اقول، من يريد من المسلمين أن يتبرأ من هذه الافعال فهذا شأنه وشأن من جاء بهذه الافكار المنحرفة البعيدة عن روح الاسلام. ولذلك ومن باب أولى، أن يلوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نفسه وفريق حكومته وسياساته تجاه المنطقة التي قدمت «قُبلة الحياة» للفكر الخارجي المتطرف وأعادته للحياة من جديد. الاعتذار من شأن من روج فكرياً له، ومن دعمه بالمال والسلاح. من شأن من سانده ديبلوماسياً في المحافل الدولية واعد القرارات الدولية ليملأ المنطقة بهذه الوحوش البشرية. من شأن من وفّر لهم الحواضن ودربهم وسلحهم وزج بهم في المنطقة واشعل الحروب والفوضى، كما يحصل الآن في سورية والعراق واليمن. هولاند يسمي ما حصل في نيس ومن قبلها في باتكالان وشارلي ايبدو وغيرها، بـ «الارهاب الاسلامي»، والاسلام بريء منها جملة وتفصيلاً. كان من الاجدر بهولاند أن يستبدل الاسلامي بالارهاب «العالمي الفرنسي الاميركي التركي - الجهادي البترودولاري»، ليكون معبّراً في شكل افضل عما يحصل في الواقع. فرنسا كانت تحتفل بيوم الثورة (يوم الباستيل)، وفاتها أنها لم تعد تعيش لوحدها كي تحتفل بمكتسبات هذه الثورة بمفردها. فهولاند قال كذبة اخرى، قال إن الارهاب يريد النيل من مكتسبات الثورة الفرنسية (الحرية والمساواة). والحقيقة أنه هو من تنكّر وخالف هذه المكتسبات في ازدواجية تعامله مع العالم الخارجي. فبعد التطور التكنولوجي والديبلوماسي، اصبح العالم قرية صغيرة ومن ثم مكتسبات الثورة الفرنسية أصبحت بالنسبة إلى الفرنسيين واقعاً واجب تطبيقه (او احترام مكتسبات الغير) في الخارج كما في الداخل. لكن هولاند يريد الاستمتاع بازدواجية المعايير. يريد المكتسبات لشعبه لكنه يكفر بها في التعامل مع الخارج. فأصبح ينظر لمنطقتنا وكأنها مستعمرة أفريقية من العصور الوسطى، يستخرج منها الخيرات ويرميها عظماً بلا لحم ومن احترام للمكتسبات التي يتبجح بها. ما حصل في نيس، ازدواجية وقحة من حكومات تريد أن تفتعل الفتن في كل مكان وتعيش هي في مأمن، وهو حلم ابليس بالجنة. hasabba@
مشاركة :