في مقابلة عمل، فوجئت بأن اثنين من الحاضرين في جدال مستعصٍ، وخرجا عمَّا كُنَّا سنتحدث فيه، فاستطردتُ قليلاً، وانتبهتُ للأمر الذي نزعهما من جلستنا.. متسائلاً: هل الشأن عاجل لتلك الدرجة؟ فأجابا في جملة واحدة "عذرًا نعم بالفعل هو عاجل، ولابد من البت فيه من الآن، فرمضان أوشك على الانتهاء والعيد على الأبواب"، قلت كل عام وأنتم بخير مسبقًا.. فضحكا وقال أحدهما: إنه لا يُؤيّدني بعدم المجازفة في الأمر. وانتظرت مستغربًا، ليرد الآخر قائلاً: متداولو الأسهم سيقومون بتسييل أسهمهم خشيةً من أي مستجدات في المنطقة خلال أيام إجازة عيد الفطر المبارك.. وفي مداخلة من الأول قال: يا سيدي لابد أن نكون واثقين في قوة ومتانة اقتصادنا، فرغم تطورات الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة العربية خلال الفترة الراهنة، إلاَّ أن اقتصادنا أبدى ثباتًا ممتازًا أمام هذه الظروف. وما زال المتداولون في سوق الأسهم السعودية يتذكرون ذلك جيدًا. ليأتي الثاني بردّه: إخواني، توفير السيولة النقدية أمر جيّد لانتهاز الفرص الجديدة عقب إجازة العيد، أو الشراء في ذات الأسهم المملوكة، وتعديل قيمة الشراء في حال حدوث أي تطورات قد تُؤثِّر بشكل سلبي على أداء تعاملات السوق. فعقَّبتُ بقولي: أنتم مُتأثِّرون بما حدث من انخفاض حاد لمؤشر سوق الأسهم عام 2008 وقت اندلاع الأزمة المالية العالمية، وصادفت إبان إجازة العيد.. فلِمَ الربط في الأمر، ربما تكون مصادفة ليس إلاَّ! وعقَّبتُ -ولله الحمد- اقتصادنا متين، ولم يتأثر بتلك الأزمات. وتداخل في الحديث طرف ثالث غير المتجادلين، وقال: لو تسمحوا لي أُوضِّح أمرًا بصفتي من المتعاملين في سوق الأسهم، فأعتقد أن مؤشر السوق سينجح خلال تعاملات الأيام القليلة المقبلة بالإغلاق فوق مستويات 7800 نقطة.. فأنا أتوقع ذلك، وعندي أمل أن ثقة المتعاملين تعود معي، ولكنها سرعان ما تختفي في حال انخفاض مؤشر السوق بصورة حادة دون أسباب منطقية.. والمتداولين المستعدين لتسييل محافظهم خلال إجازة العيد يهدفون إمّا لحماية أموالهم من أي تطورات إقليمية أو دولية، أو للمضاربة بجزء من السيولة النقدية في أسواق العملات والمعادن العالمي، استغلالاً لإجازة العيد الممتدة لأكثر من 9 أيام. فقلت -على حد علمي- لا يوجد شيء أكثر تقلبًا من سوق رأس المال، وقد تبيّن ذلك من التجارب السابقة، أن ما يصعد فإنَّه ينخفض في نهاية المطاف، وبالعكس، ما هو منخفض فإنَّه يصعد في المستقبل.. ولتحقيق عائدات جيدة مع مرور الوقت، ينبغي التحلي بالصبر. فأيّدني أحدهم بقوله: الإدارة الحكيمة للمحفظة الاستثمارية أمر هام جدًّا، تساعد على تحقيق نجاح الأمر، سواء بشكلٍ مستقلٍ أو من خلال مدير محفظة ماهر يدير الأمر بحذر دون تسرع. وساد صمت على الجميع، البعض يحدق النظر في جواله، وآخر يكتب أشبه برمز على ورق أمامه.. فقلت: أُكرِّر كل عام وأنتم واستثماراتكم بخير.. فضحك الجميع وردّوا: وأنت ومحفظتك بألف خير. makarem@sghgroup.net
مشاركة :