توقف البعض عند كلمة وزير الصحة المهندس عادل فقيه التي يقول فيها "إن الوضع الحالي للمرض يحتم علينا أهمية التنسيق مع وزارة التربية والتعليم لتكثيف التوعية الصحية للمعلمين والطلاب والطالبات في المدارس بما يضمن سلامتهم بإذن الله تعالى". وسبب التوقف يتمثل في زاويتين الأولى وكأن وزارة الصحة اكتشفت مع المرض أهمية التنسيق والثانية ان وزارة التربية بادرت بأمر من سمو وزيرها الأمير خالد الفيصل لأخذ الحيطة وعمل التدابير الوقائية ونشر التوعية الصحية في مدارس الوزارة والتي تشرف عليها. ما يهم القراء هو عندما تحل بنا قضية مزعجة مجتمعيا ينبري من يقول بأهمية وحتمية التنسيق مع التربية وكأن هناك حائط صد بين القطاعات الخدمية ووزارة التربية. انا لا ابرئ الثقافة المؤسسية في التربية والتعليم من تعطيل وتسويف إن لم يكن "تطفيش" مبادرات التنسيق وغيرها. ولعل هناك من تابع قضية مبادرة التوعية بأضرار المخدرات ومبادرة التوعية التي كلما شارفت على الانطلاق غرقت في وحل تلك الثقافة المؤسسية الى ان قيض لها متابعة مباشرة من سمو وزير التربية وسمو وزير الداخلية. وهناك الكثير من المبادرات التي لن تنجح بدون التنسيق مع التربية بدءاً من الصحة وانتهاء بالجودة وحماية المستهلك. ولعل هناك بعض القطاعات التي تدور في فلك وزارة التربية تعاني هي الأخرى من بيروقراطية ضد الاختراق في الوقت الذي يعتريها نخر اختراق من أنواع أخرى من الفكر. اعتقد كلمة الوزير فقيه تعبر عن موقف مخفف لواقع آن الأوان لكي يصبح من الماضي. فالتربية لم تعد كتبا تعدها لجان محددة، وانما هناك برامج تساند تلك المقررات وأنشطة لاصفية تعزز الغرس التربوي. فالقطاعات التي ترغب أو كانت ترغب في التنسيق مع التربية واستسلمت يمكنها ان تروي العديد من القصص التي يصعب تصديقها أحيانا. ولكن كما يقول المثل الحجازي" العايط في الفايت نقصان في العقل" ولذا فالسؤال هو ما العمل؟ اعتقد ان المبادرات التي تخدم المجتمع وقطاعاته العام والخاص والمجتمع المدني يجب ان تكون تحت مجهر الشفافية، وان يكون لنزاهة بعض القول الفصل عن أسباب القبول او التأخير او التسويف فقد يكون وراء الأكمة ما وراءها من مواقف شخصية تحرم الوطن من حق تنفيذ مبادرات التنسيق بين قطاعاته. ولا يقتصر الامر على التربية فهناك قطاعات خدمية تتقدم لها شركات وافراد ومؤسسات مجتمع مدني بمبادرات ولكنها تقتل في وضح النهار بدون حساب. فأتمنى من وسائل اعلامنا ان تعطي الموضوع شيئاً من الاهتمام حتى تكشف عن الخلل في المعادلة لصانع القرار وليعرف المواطن من يعرقل مقترحات تخدمه. واخشى ان تترك المؤسسات الإعلامية الرصينة هذا الفراغ فينبري له شباب اليوتيوب بحماسة واندفاع ونقص في المعلومات "فيصيبون قوما بجهالة" وهم "يحسبون أنهم يحسنون صنعا". وطالما اني استعنت بمثل حجازي في المتن فسأختم بأكثر من مثل حجازي طريف قد يلخص موقف الضحك من حتمية التنسيق، يقول المثل"إذا جاء البُراد يضحك الفران على السقا، وإذا جاء الحر يضحك السقا على الفران" وهو حالنا مع كل موسم تضحك فيه مؤسسة على الأخرى، ويوضح حالنا المشوشة معرفيا وصحيا مع كورونا مثل آخر يقول "إذا حضر الهرس بطل الدرس"، ويختم لنا المثل الحجازي واقعنا المؤسسي "واللي ما تعدله الأيام ما ينعدل".
مشاركة :