د. لويس حبيقة ما هي السياسات المطلوبة لمحاولة التقدم في الظروف الاقتصادية الدولية الحالية؟أولاً: البقاء على أسعار الفوائد المنخفضة، لكن الأمور تسير عكس ذلك مع رفع الفائدة الأساسية الأمريكية مرتين، وإمكانية رفعها مجدداً في الأشهر المقبلة. هذا يرفع تكلفة الاقتراض، ليس في أمريكا فقط، بل في كل الدول التي تربط نقدها بالدولار، منها دول مجلس التعاون الخليجي، ولبنان، والعديد من الدول الأخرى. رفع الفائدة يقوي الدولار، وبالتالي يسيء إلى الصادرات الأمريكية، والى الميزان التجاري الذي يحاول الرئيس الجديد تخفيف عجزه. ما يناسب أمريكا اليوم اقتصادياً ونقديا ومالياً، ربما لا يناسبنا عربياً، علما بأن ربط معظم النقد العربي بالدولار هو خيارنا وليس مفروضاً. من هنا ضرورة التفكير في تغيير السياسة النقدية عندما تصبح الظروف ملائمة، والمصالح واضحة أكثر.ثانياً: تنفيذ جميع السياسات التي تقوي الإنتاجية. أمريكا تشكو ضعف الإنتاجية لديها، وهنالك دراسات مهمة قام بها «روبرت غوردون»، و«ستانلي فيشر» تؤكد ذلك. ما المطلوب لرفع الإنتاجية، ليس في أمريكا فقط، وإنما في كل الدول أيضاً؟ المبادئ نفسها، وهي تجديد، وتطوير، وتحسين البنية التحتية مهما كلفت، رفع مستوى التعليم بدءاً من المدرسة حيث الركيزة التعليمية الأساسية، زيادة الاستثمارات الخاصة وتنشيط القطاع الخاص، أي تسهيل أعماله في القوانين والإجراءات كما تشجيع البحوث في كل الميادين.ثالثاً: الإنفاق المتزايد على الدفاع، خاصة النووي، وهذا ما وعدنا به من قبل الرئيسين ترامب وبوتين. ما الجدوى منه، خاصة أن الحروب الكبيرة أصبحت عملياً مستحيلة؟ هل الهدف الدفاع والأمن، أم الأعمال وتحويل العديد من الإيرادات العامة إلى شركات الأسلحة؟ فموازنات الدفاع لسنة 2015، بلغت في الولايات المتحدة 596 مليار دولار، تبعتها الصين 215، السعودية 87,2، روسيا 66,4 وبريطانيا 55,5 مليار دولار. في صادرات الأسلحة ونسبتها من الرقم العالمي، تحصل الولايات المتحدة على 32,8%، ثم روسيا 25,4%، الصين 5,9%، فرنسا 5,6% وألمانيا 4,7%. ولا شك في أن تجارة الأسلحة تحرك الاقتصادات المنتجة في العمالة والصادرات، وأرقام النمو.رابعاً: من الضروري أن تفكر دول العالم بقطاعات منتجة جديدة تساهم في رفع الإنتاجية وتطوير الاقتصادات، وإيجاد فرص عمل تعجز عنها القطاعات الاقتصادية الحالية. مصادر الثروة تغيرت، بل انتقلت من الصناعات الثقيلة إلى الأخرى المعتمدة على التكنولوجيا والبحوث، منها في القطاعات الطبية والمخبرية وعلوم الحياة، وفي تطوير الآليات التي تخدم المسنين. فالدول الغربية تعاني نقصاً في الولادات وبالتالي ستحتاج مع الوقت إلى من يخدم المسنين، ليس من البشر، وإنما من الإنسان الآلي الذي يعمل من دون تعب، وبفعالية كبيرة. وهنالك حاجة لتطوير قطاعات المعلومات لكل الصناعات بحيث تتعزز الشفافية، ويصبح تقدم العلوم أسهل. هنالك ضرورة دائمة للبحث عن أسواق جديدة في قارات لم تعرف بعد العديد من الأسواق، وبالتالي هنالك حاجة دائمة لتعلم اللغات، بحيث تتواصل الشعوب مع بعضها بعضاً. التغيير ضروري والاتجاه، واضح لكن المشكلة تكمن في التنفيذ. * خبير اقتصادي لبناني
مشاركة :