الرعاية الصحية الكريمة مطلب وطني | أ.د. سامي سعيد حبيب

  • 5/10/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تتمتع المملكة العربية السعودية ببنية تحتية طبية قد توازي ما هو موجود في الدول المتقدمة طبيًا أو تكاد، إذ تنتشر المستشفيات والمجمعات الطبية الكبرى والمراكز الطبية المتطورة في كبريات مدن المملكة كالرياض وجدة وغيرهما، أو تلك المستشفيات التابعة لمؤسسات وطنية هامة كالحرس الوطني، ويوجد بالمملكة من أبناءها وكذلك من الإخوة المتعاقدين مِلاك طبي لا يُستهان به من الأطباء المدربين على أعلى المستويات العالمية في دول الشرق والغرب، ويعملون إما في المستشفيات الجامعية المنتشرة من شرق البلاد لغربها ومن شمالها لجنوبها أو مستشفيات وزارة الصحة الموجودة في كل المدن والقرى أو مستشفيات القطاع الخاص، وكذلك الممرضين وفنيي المختبرات، كما تمتلك المملكة عددًا هائلًا من الأجهزة الطبية التحليلية والتشخيصية أو الاستشفائية من أحدث الطرازات، وليس بخافٍ على أحد أن المملكة تصنع وتستورد غالبية احتياجاتها من الأدوية والعقاقير الطبية، كما أن الدولة دعمت وزارة الصحة في ميزانية هذا العام بقرابة 55 مليار ريال أي ما يوازي 16% من الموازنة العامة للدولة، ومع كل ذلك ثمة ما هو مفقود في تلك المنظومة الطبية الفائقة، فإذا ما قُدِّر على مواطن أو مقيم الابتلاء بأمر صحي خطير أو طارئ، أو مرض مزمن وما أكثرها في هذا الزمان لشخصه أو أحد أفراد عائلته، تلفّت يمنة ويسرة باحثًا عن واسطة تُسهِّل عليه الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، وقد يجدها وقد لا يجدها، وينتهي به الحال إلى التدهور الصحي أو ما هو أسوأ، وليس أدل على اهتمام القيادة الرشيدة بهذا الأمر من افتتاح موقع للتواصل مع الديوان الملكي يشتمل ضمن ما يشتمل على تقديم طلبات للعلاج الطبي للمواطنين ترفع للمقام السامي. صحيح بأنه ليس لدينا نظام عنصري أو عُرف متواص عليه يقدم العلاج و الرعاية الصحية لطبقات الـVIP بمختلف درجاتها أو من توصي عليه بشكل انتقائي، لكن داء الواسطة نخر في جسم المجتمع حتى وصلنا إلى المستوى الذي نحن فيه من تدني تقديم الرعاية الطبية الكريمة للجميع، ولو سأل كل منّا نفسه ما هي فرص مواطن بسيط قضى جل عمره المهني في أعمال بسيطة؛ كسائق سيارة أجرة مثلًا أو حارس بمدرسة ابتدائية.. إلخ، فهو لا يمت إلى أصحاب الجاه والمال بصلة في الحصول على الرعاية الطبية الكريمة، لو قَدّر الله عليه أحد الأمراض المستعصية كالسرطان أو أمراض القلب أو الكلى أو مضاعفات الضغط والسكر... إلخ لهالنا الأمر. إن تقديم الرعاية الصحية لدينا مرتبط إلى حدٍّ كبير بالمكانة المالية والاجتماعية للمريض، وهو بذلك مخالف للروح الإنسانية الإسلامية، فالتطبيب وتقديم الرعاية الصحية الكريمة حق لكل مواطن ومقيم نظامي. كل الدول المتقدمة طبيًا بها أنظمة تأمين لتقديم الرعاية الطبية لمواطنيها بشكل أو بآخر، تتراوح بين القسوة المالية للأنظمة الرأسمالية، كما في الولايات المتحدة الأمريكية، وبين النظم شبه الاشتراكية أو ما يُسمَّى بدول الرعاية الاجتماعية Welfare Countries كما كانت بريطانيا إلى عهد قريب، أو تقديم خدمات الرعاية الطبية من خلال شركات تأمين صحي حكومية أهلية لا تهدف للربحية كما في كندا إلى عهد قريب. لا تهدف هذه المقالة إلى إجراء دراسة مقارنة بين أنظمة التأمين الطبي العالمية بقدر ما يرى الكاتب فرصة سانحة جاءت مع تعيين وزيرًا مكلفًا للصحة قد يأتي بالمبتكَر والإبداع في هذا المجال، فصحيح أن المهمة العاجلة هي إخراج المجتمع من هاجس "وباء" كورونا لا قدر الله، غير أن بناء نظام تقديم الرعاية الطبية من المهد للحد لكل مواطن -بغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو قدرته المالية- مهمة وطنية كبرى تليق بمملكة الإنسانية والعطاء "المملكة العربية السعودية"، وعلى رأسها إنسانية ملك البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- محبًا لشعبه الذي يبادله الحب والاحترام. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :