عندي أن هذا الكلام أبلغ من أسماء أُطلقت على عدد من أسماء شوارع مدننا الكبيرة. وقرأنا قبل مدة أن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بصدد مراجعة أسماء شوارع لا يؤدي اسمها إلى الاستدلال، أو مساعدة الضال! وعندنا من الأسماء القديمة التي جرى اختيارها تكريماً لمن حملت اسمه، وهذا جيّد ومبرّة بإنسان خدم، أو ذاع له صيت في العلم والمعرفة وعمل الخير. لكن أرى أسماء طويلة ويصعب نطقها، وكذا فهي غير عربية، مثل شارع علي عزت بيقوفتش، الذي جاهد قوم على توليج اسمه في شارع رئيس يمتد من شارع صلاح الدين الأيوبي في الملز بالرياض. والرجل رئيس جمهورية للبوسنة والهرسك بعد انتهاء الحرب في البوسنة، ناشط سياسي بوسني وفيلسوف إسلامي، مؤلف لعدة كتب. وهو ذو مكانة علمية محترمة ولا نشك في ذلك، ويستحق الخير كله إلا إطلاق اسمه على شارع يصعب تمييزه، ويمكن إكرام الرجل بمبرات أو مساجد أو دور علم. وأرى ذلك سيُعطي اسمه التكرار اللازم والمطلوب الذي يخدم الغرض. المأخذ اليوم على تسارع نمو واتساع المدن هو تنامي العزلة أيضاً. فبعد أن كان "العاير" والدكان، وقبلهما المسجد عنواناً دائماً وملتقى ومكاناً، أصبح المرء الآن يقضي وقته في البحث عن المقصد، فالشوارع متشابهة والمباني متماثلة والمعالم كثيرة بحيث أصبح المرء يرى "خزاناً" ومدرسة وخياطاً في كل منعطف ومنحنى ولم تعد هذه الأشياء معالم وصف ودليل حائر. وقد حاولت أمانة مدينة الرياض الحصول على رؤية كاملة لتعميم معرفة الرياض جغرافياً، فسمّت الشوارع والميادين وكل هذه الخطوات لم تأت بالثمار حيث لايزال الناس حيارى بين تسميات قديمة ورسوم مواقع تأتي حتى ضمن دعوات قصور الأفراح ومواقع المناسبات. والأسرة السعودية تعلمت كيف تعطي أسماء ورموزاً لسائقي سياراتهم من الأجانب. وبعد حصول السائق على إقامته النظامية ورخصة القيادة تعمد الأسر إلى تعليمه كيف يصل إلى منزل "ماما سارة" و"سستر هيا" و "وسكول حصة" و "كوافيرة دلال" و "خياطة دوريس". أما أسماء شوارع فقل ماحفظها أهل البلد كي يحفظها الأجنبي.
مشاركة :