أراه من الصعب تحقيق الإنماء المتوازن في الوطن إذا كنا "نُدشّن" المشروع، أي مشروع بزخرفة إعلامية ومادية مُبالغ فيها، ثم نتركه للشمس والهواء والاندثار المستمر، بسبب كون الجهة المسؤولة عن صيانته والحفاظ عليه مهملة لكونها ذات مكانة عالية أو سلطة هرمية لا يطالها النظام ولا المساءلة. وغير معرّضة للمحاسبة أو تتبع التقصير. وفي الأسبوع الماضي جاء أحد أقربائي من الخارج، وفي مطار الملك خالد الدولي تبيّن أن السير النازل المفترض فيه أن يحمل المسافرين إلى الصالة السفلية كان يسير عكس المبتغى، أي يسير إلى الأعلى. وعندما سأل الراكب عن هذا السير الذى يسير "عكس الخط" قال رجل من الرسميين الموجودين: هذه مسؤولية الصيانة، والتي كان دورها إما أن يجعلوه يعمل حسب التوجّه المنطقي أو يوقفوه. أنظر من الجانب الآخر إلى حالة دارسينا القادمين الجدد إلى ميدان العمل والخريجين حديثا من معاهد وجامعات أوروبية وأمريكية تدربوا على الدقة ووضع كل شيء في مكانه. أرثي لحال أولئك الخريجين والمتحمسين للعمل عندما يرون الحالة التي تُعالج بها أعمال البنية. حالة من التخبط في السياسات التشغيلية طوال قرابة نصف القرن من شعارات براقة عن تطوير الفهم العملي حتى وصلنا الى ما نحن فيه الآن من حالة يرثى لها لواقع مؤلم لحق بهويتنا، وليجعل خريجينا الجدد والقادمين لسوق العمل يصطدمون بواقع بعيد كل البعد عما درسوه وما طبقوه.. واصبحنا الآن نبكي على الأخلاق والقيم التي ضاعت دون أن نعترف أننا السبب في إضاعتها. وأسأل الله تعالى أن يرزق بلادي من الحكمة والعمل النظيف بعدد الملتقيات الدولية الأسبوعية والشهرية والسنوية التي تُعقد هنا وهناك للتشغيل والصيانة في البلدان او جائزة (فلان) العربية للصيانة والتشغيل برعاية كريمة من (فلان الفلاني) ممثلا بالمهندس (فلان) وحضور وفد من وزارتي ال (..) و(...). وإعلان الفائزين بجائزة (...) في مجال الصيانة والتشغيل. وشرح "الإنجازات المهمة" التي قامت بها هذه الشركة أو تلك. أقول لمتعهدي الصيانة في بلادنا :عليهم بالعافية شُلليتهم وتمتعهم بالمحسوبية وبالأسعار الخيالية التي يتقدمون بها، وبسرعة تنفيذ المسيّرات (وليس العمل..!). لكن أقول لهم خافوا ربكم وأعطوا المشروع ما يستحق من صيانة بدلاً من الترقيع.
مشاركة :