أمل الرندي: أخلصت لأدب الطفل.. وكان وفيا لي

  • 4/25/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

حسين الفضلي | «أخلصت لأدب الطفل، وكان وفيًّا لي»، بهذه الجملة عبّرت الكاتبة أمل الرندي عن امتنانها لمجال أدب الأطفال لكونها تخوض تجربة الكتابة فيه، مؤكدة بذلك أنها مازالت تريد إعطاء المزيد لأدب الطفل لاسيما أنها ترى علامات النجاح من خلال تكريمها في عدة محافل. «نجم المستطيل الأخضر» هو آخر الأعمال الأدبية للرندي في مجال أدب الطفل، وهي القصة التي حازت بها جائزة الشيخ راشد بن حميد للثقافة والعلوم في عجمان عام 2015، وهي قصة تدعو الى التسامح والمنافسة الشريفة، قبل ذلك صدر لها «عيدي يا كويت» بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون، وهي تهدف إلى تعزيز الروح الوطنية والانتماء، والمجموعة القصصية «حدائق العسل» المكونة من أربع قصص، لكل قصة هدف من القيم الأخلاقية، وهي التي فازت بها بجائزة الدولة التشجيعية للمرة الثانية. كما صدر لها كتاب «صباح الحياة»، وهو كتاب في التنمية البشرية يحفز على التفاؤل في الحياة، ويقدم تأملات في الوجود والحياة والأخلاق والعلاقات الإيجابية بين البشر، وكل ذلك بجمل مبسطة وأسلوب شاعري يترك شيئاً من الفرح عند قارئه. مسؤولية مضاعفة الرندي وفي حوار القبس معها تقول ان الكتابة للطفل مسؤولية مضاعفة، مشددة على حرصها في انتقاء الفكرة في كل قصة تكتبها للأطفال وأن تكون معالجة لجانب من جوانب الطفل، وإليكم تفاصيل الحوار: ◗ لماذا اختارت الكاتبة أمل الرندي مجال أدب الأطفال؟ – لا أعرف من اختار الآخر، أنا أم الكتابة! فالأمور تسير بنا أحياناً إلى أماكن لم نكن نتوقعها، وقد يأخذنا القدر إلى مستقبل جميل، أو عكسه، فهناك ظروف كثيرة تؤثر في مسيرتنا. وفي كل الحالات أهداني القدر هذا الأدب الذي يمتعني، مع كل المعاناة التي تنكشف أمامي أثناء الكتابة، ففي الكتابة اختبار للحياة وغوص في شعابها، لكنني أحرص دائماً على البسمة في الكتابة، وعلى وجود أبطال إيجابيين، لأننا نكتب للطفل لنؤثر في سلوكه، فنسهم في صناعة المستقبل. أما في الوقائع، فعندما كنت في السنة الثالثة بكلية التربية، قسم رياض اطفال، في جامعة حلوان بالقاهرة، طلب منا الدكتور يعقوب الشاروني، وهو من رواد أدب الطفل في الوطن العربي، كتابة قصة للأطفال، ووعد الطلاب بأن القصة التي يجدها مناسبة سينشرها في مجلة «نصف الدنيا». حينها كتبت أول قصة في حياتي وكانت بعنوان «الفيل صديقي»، وشكلت نقطة انطلاقي الأولى في عالم أدب الطفل، وعندما أبدى د. يعقوب الشاروني إعجابه بها، وفعلاً نشر القصة ولم تكن الدنيا تتسع لفرحتي. وكانت هذه القصة الشرارة التي أشعلت الضوء أمامي في عالم أدب الطفل، وحفرت الطريق إلى مزيد من القصص فيما بعد. ◗ هل تواجهين صعوبة في الكتابة للأطفال؟ – يجب أن تكون هناك صعوبة، فأنا لا أستسهل الكتابة، لأن الكتابة مسؤولية، والكتابة للأطفال مسؤولية أكبر، لأنها شكل من أشكال بناء الطفل ومستقبله، فكل قصة أحرص أن تكون فيها فكرة جديدة، وتعالج جانباً من شخصية الطفل، ويكون لها اسلوب مناسب لروح العصر، وتأخذ بعين الاعتبار التطور الذي يعيشه الطفل، خصوصاً أن حياته اليوم فيها الكثير من الأمور الجديدة، لا سيما على مستوى الأدوات الالكترونية التي يستخدمها الآن، وتجذب اهتمامه إلى حد السحر. فالصعوبة تكمن في الجاذبية التي علينا أن نضعها في القصة وتكون في سباق مع جاذبية الألعاب المتطورة التي يستخدمها الطفل. من دون أن يكون السباق ترجمة لرفضنا للتطور الذي يتقدم بسرعة على المستوى التكنولوجي، إنما يكون هذا التطور حافزاً ومحركاً لنا كي نبدع ما هو أكثر جاذبية. فصناع الأجهزة الالكترونية يبدعون فعلاً، ونحن علينا أن ننافس بمسؤولية أكبر. فمعنى المسؤولية اليوم في الكتابة للطفل غير معناها أمس، أي أن المسؤولية تكبر مرحلة بعد أخرى. وعلينا أن ننتبه أكثر إلى ما نكتبه لمرحلة الطفولة المبكرة، لأننا كمن يزرع بذوره في عقل الطفل، فالمسألة حساسة جداً. مستويات عدة ◗ كونك تخاطبين فئة تعد الكتابة لها ذات حساسية خاصة هي فئة الأطفال، كيف تحرصين على اختيار المضمون في الكتب؟ – هنا المشكلة تتشعب، فالكتابة للطفل ليست مستوى واحداً بل مستويات، ولكل مرحلة عمرية أسلوب كتابة يختلف عن مرحلة أخرى، فمثلا مرحلة الطفولة المبكرة لها خصائصها وطبيعة الموضوعات التي تتناولها، وهي تختلف عن الطفولة المتوسطة او المتأخرة بالكثير من الأمور التي تتعلق بالوعي والعوامل الاجتماعية والتربوية والنفسية.. وهذا أمر طبيعي. لذا على الكاتب أن يعرف كيف يتناول الفكرة الأساسية في القصة، وكيف يعالجها بأسلوب يناسب خصائص كل مرحلة، حتى يستطيع الطفل ان يستوعبها بسهولة ويتفاعل معها ويتأثر بها. كما أن كتب الأطفال عموماً تحتاج إلى إبهار، فيجب ان تكون الرسوم معبرة وجميلة تجذب الطفل فيتعلق بها، وأكثر من ذلك يجب أن تطرح عليه أسئلة فتثير اهتمامه، بالإضافة إلى الإخراج وجودة الطباعة.. كل هذه الأمور، بالإضافة إلى أفكار القصة وأسلوب الكتابة وشكل النص وعالم الألوان، تحفز الطفل على القراءة. الطباعة الآن تطورت بشكل كبير يجذب الطفل فعلاً، فقد تمت طباعة صور بعض القصص بأسلوب ثلاثي الأبعاد، حتى يجذب الطفل أكثر، وهذا فعلا ممتع، يحفز الطفل على القراءة ومعرفة موضوع القصة. أيضا نجد قصصاً لعمر أصغر مصاحبة بالأصوات، تسهم كذلك بجذب الطفل، وتدخل اليوم التكنولوجيا إلى صناعة الكتاب فتضيف مؤثرات الموسيقى والأصوات مثل أصوات الحيوانات، ويمكن أن تكون في الكتاب شاشة الكترونية تؤمن تصفحاً الكترونياً يذهل الطفل ويشكل عنصر جذب وإبهار لا يستطيع الطفل الإفلات منه. جذب الطفل ضروري، وهو يحتاج إلى جهود قد لا يحتاج إليها كتاب الكبار، فالجهود تتكامل بين الكاتب والرسام والصانع ودار النشر.. قبل أن يصل الكتاب الى الطفل بكل أناقته وسحره فيحبّب الطفل بالقراءة. أنشطة الطفل ◗ كيف تجدين الاهتمام بالملتقيات والأنشطة الأدبية المتعلقة بالطفل، وماذا عن مشاركتك فيها؟ – هناك اهتمام واضح بالأنشطة التي تقدم للطفل في الكويت والوطن العربي، سواء بإقامة مؤتمرات أو معارض كتب، أو ورش عمل، أو مسابقات أو فعاليات متنوعة، وتتزايد يوماً بعد يوم أجنحة الأطفال في معارض الكتب، وكذلك دور النشر المختصة بكتب الأطفال، بعدما كان كتاب الطفل ملحقاً بكتاب الكبار في دور النشر والمعارض، كما تتزايد المهرجانات الخاصة برفاهية الطفل وثقافته، التي تضم ألعاباً ثقافية ومسرحاً وأفلاماً سينمائية وألعاباً الكترونية. وعلى سبيل المثال، يمكن أن أذكر الأنشطة التي شاركت فيها مؤخراً: في الكويت: شاركت في ورش عمل أقامتها جامعة الكويت على هامش «مؤتمر المواطنة وتعزيز قيم الولاء والانتماء»، وقدمت ورشة «مهارات كسب الأطفال قيم الولاء والانتماء عن طريق القصة»، والموضوع نفسه تقريباً شاركت به في ورش الأطفال بمعرض الكويت الدولي للكتاب الأخير. وفي الشارقة: شاركت في ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي 2016، الذي أقيم تحت شعار «الطفولة.. تربية الإبداع»، وكان بحثي في محور «الطفل مبدعاً». وفي القاهرة شاركت في «مؤتمر أدب الأطفال وتنمية الإبداع محليًا وعربيًا وعالميًا». وفي تونس: شاركت في معرض تونس الدولي للكتاب في الدورة 33، وقدمت لأطفال تونس العديد من الورش في إطار «القراءة التفاعلية»، من خلال قصتي «نجم المستطيل الأخضر». وآخر الأنشطة كان في الحلقة النقاشية التي أقامتها الجمعية الوطنية لحماية الطفل بقيادة رئيستها الدكتورة سهام الفريح التي حملت عنوان «تنمية القراءة حق للطفل». تقدير للتميز ◗ هل تعتبرين انك كُرمت في مشوارك الابداعي حتى الآن؟ – دائما اقول «أخلصت لأدب الطفل، وكان وفياً لي»، الحمد لله لقد كرمت في الكويت وخارج الكويت.. كرمت آخر مرة في معرض تونس الدولي للكتاب 2017 «لإبداعاتي في مجال أدب الطفل»، وحزت جائزة الشيخ راشد بن حميد في عجمان لدورتين متتاليتين عامي 2015 و2016 عن أدب الطفل، وكنت أول كويتية تفوز بها، وفي الكويت فزت بجائزة الدولة التشجيعية مرتين عن العامين 2011 و2015 «تثميناً لمسيرتي الأدبية وإنجازاتي المتميزة في أدب الطفل» عن كتابيّ «مجموعة الأمل التربوية» و«حدائق العسل»، وفي عام 2016 منحني الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، محافظ حولي، «جائزة التميز.. تقديراً لإسهاماتي في خدمة الكويت»، والعديد من الجوائز وشهادات التكريم والتقدير. ◗ هل هناك توجه لخوض تجربة الروايات؟ – لا. لم أفكر حتى الآن بكتابة رواية، فعالم الأطفال يأخذني إليه، وأشعر بأني مقصرة دائماً، ويجب أن أقدم المزيد في أدب الطفل، وعندما أفكر في الكتابة للكبار يحضرني مجال التنمية البشرية الذي ألفت فيه حتى الآن ثلاثة كتب. أعرف أن الرواية رائجة جداً اليوم في العالم العربي وفي العالم عموماً، ومقروءة، لكن التخصص في الكتابة يمكن أن يكون ضرورياً، فلست مع أن يتوزع جهد الكاتب بين اختصاصات عدة.

مشاركة :