بات لزاما على سويسرا أن تحيل كافة بيانات الحسابات المصرفية المتعلقة بدافعي الضرائب الأمريكيين إلى السلطات الضريبية في الولايات المتحدة ابتداءً من 30 حزيران (يونيو) الجاري. فقد حدَّدت الحكومة السويسرية أمس هذا التاريخ موعداً لسريان قانون "فاتكا" الأمريكي الذي يضع نهاية عملية لجانب كبير من السرية المصرفية، ويتيح النص لسويسرا وضع حد نهائي للنزاع الضريبي مع واشنطن، ولكن فقط على الضرائب التي تُفرض مستقبلاً على الحسابات المصرفية للمواطنين الأمريكيين. ويدخل القانون الجديد حيز النفاذ على الصعيد الدولي ابتداءً من الأول من تموز (يوليو) المقبل، وينظم قانون "فاتكا" (قانون امتثال الحساب الأجنبي للضرائب)، نقل البيانات المصرفية وفقا لنظام قريب جداً من التبادل التلقائي للمعلومات المصرفية. لكن مع النموذج المُختار، سيكون من الضروري الحصول على ضوء أخضر من صاحب الحساب المصرفي لنقل معطياته المصرفية، غير أنه في حالة عدم منح صاحب الحساب موافقته، سيتم نقل البيانات المصرفية المتعلقة به بطريقة مجهولة المصدر، أي نقل كل ما يتعلق بمعطيات حسابه المصرفي وحركة أمواله من دون اسمه، على أن يتولى المصرف خصم قيمة الضريبة التي يتوجب دفعها لمؤسسة الضرائب الأمريكية بعد تلقيه إشعاراً بذلك، ثم يتولى نقلها للمؤسسة. علاوة على ذلك، سيجري تبادل المعلومات على أساس قاعدة "المساعدة الإدارية المتبادلة"، أي بناء على طلب رسمي تقدمه الحكومة الأمريكية إلى نظيرتها السويسرية التي تتولى بدورها الطلب من المصارف تقديم المعلومات المطلوبة. وتقول الأوساط المصرفية السويسرية "إنه على الرغم من أن مسألة الحصول على موافقة صاحب الحساب المصرفي لنقل معطياته المصرفية، واشتراط تقديم طلب رسمي إلى الحكومة السويسرية لنقل المعلومات، تصب جميعها في مصلحة السرية المصرفية، إلا أنَّ ذلك ليس سوى واجهة شكلية للحفاظ على شيء ما من قواعد السرية المصرفية". من جانب آخر، تم استبعاد مؤسسات التأمين الاجتماعي، وصناديق المعاشات التقاعدية، والتأمين ضد الأضرار أو الحوادث من نطاق الاتفاق. وكذلك استبعاد السلطات السويسرية، والمؤسسات الرسمية، والمصرف الوطني السويسري (المصرف المركزي) والمنظمات الدولية من ميدان تطبيق الاتفاق. واستبعدت أيضاً من الاتفاق مؤسسات الاستثمار الجماعي، والمؤسسات المالية التي لديها زبائن محليون أساساً إذا كان السويسريون والأوربيون يمثلون 98 في المائة من العملاء، وعموماً سيتم إلزام المصارف بتسجيل أسمائها لدى سلطات الضرائب في الولايات المتحدة، وأن تتعهد بالوفاء بالتزاماتها الواردة في عقد مستقل لتنفيذ الاتفاق. وستقوم هذه المصارف بنقل البيانات إلى سلطات الضرائب الأمريكية مباشرة كل سنة، وإذا ما رأت مؤسسة الضرائب الأمريكية أنَّ هناك انتهاكات خطيرة تتعلق بنقل المعلومات ودقتها، فستقوم الحكومة الأمريكية بإخطار السلطات السويسرية بهذه الانتهاكات. وفي حالة عدم تصحيح الأخطاء أو الانتهاكات، ستتمكن واشنطن من اتخاذ تدابير مضادة ضد المصرف، دون المرور عبر الحكومة السويسرية. ويعطي قانون "فاتكا" الإدارة الأمريكية حق خصم نسبة 30 في المائة من دخل المصارف والمؤسسات المالية التي لا تحترم التزاماتها الواردة في القانون، وحرمانها من ممارسة نشاطها المصرفي داخل الولايات المتحدة. وكان البرلمان السويسري، بغرفتيه الشيوخ والنواب، قد وافق على القانون في أيلول (سبتمبر) 2013. وقد أعاق البرلمان مطالب شعبية سويسرية بطرح الموافقة على القانون للتصويت الشعبي عبر مبادرة شعبية. وجاء تشريع هذا القانون أصلاً عام 2010، على الرغم من تردد الوسط المالي الأمريكي في قبوله، رداً على فضيحة مصرف "يو بي أس" في تشجيعه أثرياء أمريكيين على إخفاء أموالهم بعيداً عن أعين الضرائب الأمريكية.
مشاركة :