بعض نواب البرلمان المغربي يسعون إلى إعادة الاعتبار إلى الحرف اليدوية مثل اللِّحَامَة خصوصا في القرى النائية البعيدة عن المدن والتي لا يزال فيها للحام أواني المطبخ دور كبير.العرب يوسف حمادي [نُشر في 2017/05/01، العدد: 10619، ص(21)]البريق سيعود للإبريق الحِرف اليدوية ذات المرجعية التراثية في المغرب، تأخذ اليوم من تفكير المسؤولين وبرامجهم وقتا طويلا للرفع من عائدها المادي والمعنوي وانعكاسه على الصناع العاملين في مجالها، ومنها حرفة الِّلحَامة التي يعمل بها الكثير من الصناع المتجولين والمستقرين في المغرب، “العرب” وقفت على واحد من مهنييها في مدينة آسفي. “لكل شيء إذا ما تم نقصان/فلا يغر بطيب العيش إنسان”، بهذا البيت الشعري يستدل محمد بوعلي، لَحَّام أواني المطبخ بسوق الكورس بمدينة آسفي جنوب غرب الدار البيضاء، الذي عند سؤاله عن سر استدلاله بالبيت الشعري المذكور، يجيب بمثل آخر “دوام الحال من المحال”، وفي جميع الحالات يبقى أبوعلي لا يعني بقوله ذاك سوى تنبيهه إلى أن أواني المطبخ عادت إليه ليصلحها باللحام المتين، بعدما كانت جديدة على أدراج المطبخ تسر ببريقها أنظار الناظرين. الإبريق والبراد والطنجرة والقدرة، وغيرها من أواني المطبخ المغربي، تحيط باللحام أبوعلي بورشته المفتوحة على الهواء الطلق من جميع الجهات، وكم يعجب الزبون من منظر لحامنا الحاذق وهو ينفخ في آنية حتى تنتفخ أوداجه لتحديد مصدر ثقب عطبها الذي أصابها فتطلب إصلاحها بالنار والمكواة واللحام المستخلص من معدن الرصاص. “إنها حرفة أبي الذي ورثها عن جدي الذي ورثها بدوره عن أبيه”، بهذه العبارة يفسر اللحام أبوعلي لـ“العرب” علاقته بحرفته التي يعيش منها منذ ما يزيد عن الثلاثين عاما، والتي يعتبرها رأس ماله الذي استثمره ليعيش من عائده المالي، الذي لا بأس به، حيث يدفع منه إيجار بيت وسط المدينة القديمة بمدينة آسفي، ويصرف منه على تعليم أبنائه الثلاثة. غير أن أبا علي يشتكي من التطور الذي تعرفه الصناعات التقليدية في البلاد المفتوحة على مستجدات العولمة وصناعات أواني الاستهلاك السريع التي لا تتطلب حفاظا عليها ولا لحاما لها، تلك التي تنتهي بسرعة مع وجبة الأكل السريع. ورغم المجهود الذي تقوم به وزارة الصناعة التقليدية في المملكة المغربية، يؤكد أبوعلي أن حرفة الَّلحام تبقى دون اهتمام كاف، بل وقد تصل إلى مستوى التهميش، لكن هناك مساعي برلمانية، يؤكد الحرفي، من طرف بعض نواب البرلمان، خصوصا منهم الذين لهم ارتباط بالناخبين القرويين في البوادي، الذين يسعون إلى إعادة الاعتبار إلى الحرف التقليدية والمهن التراثية، التي لها دور كبير في المجتمع، خصوصا في البوادي والقرى النائية البعيدة عن المدن، التي لا يزال فيها للحام أواني المطبخ دور كبير. وفي تصريح لـ“العرب“، يقول كاريم محمد نائب برلماني عن إحدى مناطق إقليم آسفي، الذي يتواجد به اللحام أبوعلي وغيره من الَّلحامين المهنيين، إن من أولوياته البرلمانية داخل مجلس النواب، الدفاع عن الصناعة التقليدية في شموليتها وليس حرفة اللحام وحدها.
مشاركة :