العنف والغياب المؤسسي - د.هيا عبد العزيز المنيع

  • 8/3/2013
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

العنف ليس بضرب الأخر وإيذائه جسديا فقط بل العنف يأخذ اشكالا مختلفة ومتنوعة فهو يأخذ البعد النفسي بالظلم والاضطهاد وسلب الحقوق.. العنف يكون بلفظ قاس وجارح.. العنف يكون بأكل مال اليتيم من غير حق.. العنف يكون بعضل الفتاة وحرمانها من الزواج الا لمن يحقق مطامع وليها.. العنف تعليق امرأة دون زواج او طلاق لمجرد تأديبها .. العنف حرمان الصغير من الحب والعطف وتحويله الى مسرح لمعاقبة الاخر.. العنف شكل من اشكال الظلم وسلب لحق الآخر في ان يعيش بارتياح وسلام وتكافؤ بين الحقوق والواجبات لكل الاطراف.. الاشكال ان العنف في مجتمعنا يتزايد والتنظيم المؤسسي شبه غائب فدور الحماية الاجتماعية بأدواتها الحالية لا تكفي.. نعم هي عاجزة رغم الجهود التي تحاول الاخوات القيام بها الا ان غياب التنظيم المؤسسي وغياب قوانين العقوبات وغياب مؤسسات حماية المعنفين بشكل كامل تجعل من كل تلك الجهود هدرا، وتجعل من تبعات البحث عن الحماية خوفا وترددا.. العنف الاسري مع غياب الحماية المؤسسية كان سببا في انتحار فتاة وهروب فتيات وانحراف اخريات.. العنف الاسري مع غياب مؤسسات الحماية القوية كان سببا في مقتل طفل وتعذيب آخرين وانحراف بعضهم.. لا اريد ان نزايد على هؤلاء الابرياء ونزعم ان ضعف ايمانهم سبب انتحارهم او انحرافهم او مرضهم النفسي.. بل الحقيقة ان السبب وليّ اعتقد ان الولاية تسلط وتحكم وربما تجارة وليست حماية واحتواء لهؤلاء الضعفاء.. حين تعجز عن حماية طفل او كبير من المعاقين وانت تستقبله كل صباح وآثار العنف الجسدي والجنسي بادية عليه هل تستطيع ان تحترم نفسك ودورك المهني ان لم تحم ضعفه البدني والعقلي؟! دور الحماية الاجتماعية بوضعها الحالي لا تؤدي الغرض.. نحتاج الى قانون يجرم العنف بغض النظر عن مرتكبه لا نريد ان يخرج الاب او الاخ بعد ايقاف يومين والضحية اما تعاني امراضا، او تم دفنها تحت التراب بأي حجة كانت.. ايضا لا نريد جلسة صلح بعدها يستلم السجان ضحيته ويغلق عليها كل ابواب الخلاص ويزيد من عنفه وينوعه ليؤدبها فلا تفكر ان تشتكيه مرة اخرى.. نعم هذا هو الواقع دون تجميل او تغيير.. أعلم ان ثقافتنا الاجتماعية تنظر لولي الامر بشيء من القداسة ولكن ليس كل ولي امر يستحق هذا المسمى وليس كل ولي امر يخشى الله.. على الجهات المختصة اصلاح الوضع وسن التشريعات وتفعيلها وانزال العقوبات لمن يخل بالامانة ويمارس العنف على امرأة او طفل او مسن او معاق.. نريد قانونا تتكامل فيه خدمات الحماية الاجتماعية والنفسية مع منظومة امنية وقضائية تتولى العقاب لمن يرتكب جريمة العنف وأؤكد بصرف النظر عن نوع علاقته بالضحية.. تزايد العنف داخل بعض الاسر له اسباب متنوعة منها الطمع المالي بمهورهن او إرثهن ومنها تعاطي المخدرات ومنها التفكك البنائي او الوظيفي للاسرة ومنها غياب الوعي بالحقوق والواجبات وغير ذلك من الاسباب ويبقى العلاج في وجود نظام حماية قوي ومفعّل، وينطوي على إيقاع العقوبة بمن يخرج عن مسار المسؤولية كما حددها الشرع وكما تتفق القيم الانسانية..

مشاركة :