أحسن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني صُنعاً حين عقد عدة لقاءات في الدمام وجدة وأخيراً الرياض بهدف تقييم مسيرة العشر سنوات الماضية من عُمر المركز ومحاولة استكشاف مستقبل العشر سنوات القادمة. كاتب هذه السطور أحد المشاركين في لقاء الرياض الذي عُقد الأسبوع الماضي وقد حرصت على الحضور رغم ارتباطات مسبقة ولكن لأهمية الحدث وإيماني بالحوار كأسلوب حياة للتعاطي مع الآخر أياً كان سواء القريب من داخل الأسرة وبين أفرادها أو مع البعيد المحليّ أو الأجنبي. بالحوار يمكن تقريب وجهات النظر وشرح المواقف وليس بالضرورة الوصول إلى نقاط اتفاق تام، المهم هو الاحترام المُتبادل بين أطراف الحوار وسماع الرأي المختلف. الزميلاتُ الحاضرات وكذا الزملاء طرحوا آراءهم حول مسيرة المركز بكل وضوح وشفافية ولاسيما وأغلب الحضور قد سبق لهم المشاركة في لقاء أو أكثر من اللقاءات التسعة التي عقدها المركز منذ اُنشئ وفي مختلف مناطق المملكة. أظن أن الجميع قد اتفقوا على نجاح مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على أقل تقدير في تكريس مفهوم الحوار لدى أفراد المجتمع ولاسيما وقد أوضحت الأرقام التي عُرضت علينا تجاوز رقم (مليون) ممن تواصل وتحاور معهم المركز سواء بشكل مباشر أو عن طريق المدربين وورش العمل أو الأجهزة والهيئات التي عقد معهم المركز شراكات واتفاقات. كانت لي ملاحظة حول (بعض) تلك الشراكات وعدم تحقيق المطلوب منها من قبل بعض الهيئات التي كان يعوّل عليها القيام بأدوار أكثر إيجابية في تعزيز مهمة المركز أو على الأقل فرض عدم التشويش أثناء السعي نحو تقارب أطياف وتيارات المجتمع نحو بعضهم البعض. قلتها بالحرف الواحد إنكم في المركز تبنون وغيركم يهدم. بعض الوعّاظ والخطباء لازالوا يعيشون بأفكارهم الماضوية المُرتبكة ولازال بعضهم يثير الفتنة الطائفيّة بشتم المختلف مذهبياً والدعاء عليهم ووصفهم بأقذع الأوصاف فكيف يمكن التوفيق بين دعوة المركز للتقارب والتسامح وهؤلاء يدعون إلى الكراهية والبغضاء. المُلفتْ هو قيام إحدى المُشارِكات من الأخوات بالتعليق على كلامي هذا واستنكاره بل ورفضه ونفي وجود مثل هؤلاء. لا بأس لها الحق فيما تعتقد لكنني لا زلت أُؤكد كلامي بوجود تناقض بين الموقفين: المركز وهؤلاء الهادمون. بقي أن أقول: من أجل تحقيق رؤية وهدف الملك الحكيم عبدالله بن عبدالعزيز من إنشاء مركز للحوار لابد وأن تسعى كافة الهيئات والمؤسسات وكذلك النُخب في السعي بكل وضوح لتكريس التقارب وتمتين اللحمة الوطنية أو الكف عن كل ما يثير الفتنة وذلك أضعف الإيمان.
مشاركة :