لا يلزم أن أكونَ اقتصادياً أو مُحللاً مالياً حتى أفهم (لغة الأرقام) التي تحدّث بها وزير المالية في مؤتمره الصحفي عن (ميزانية الربع الأول)، وكيف بدت ملامح نجاح الخطط الحكومية لضبط المصروفات وتحسين الأداء، بترشيد الإنفاق، وتنويع مصادر الدخل لخفض العجز، هذه الأرقام التي يهتم بها عادة المتخصصون والمراقبون، يكفيني منها كمواطن الشعور بالشفافية والإفصاح وتوفير المعلومة للجميع، ومن ثم مُتابعة قراءة وتعليق وتحليل الاقتصاديين والخبراء حول المؤشرات الإيجابية في تقديم هذا المُلخص الأول من نوعه. هذا التحول الذي نعيشه في الأداء المالي الحكومي من حالة (السرية) طوال العام وصولاً لنهاية السنة المالي، واستبداله بآلية عمل (شفافة ودقيقة) مُستمرة لنشر البيانات بشكل دوري عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ووضع هذه الأرقام بكل وضوح (أمام أعين) المُراقبين والمُتابعين والمُحللين، وعلى طاولة مُناقشاتهم وتحليلاتهم، هو مصدر فخر واعتزاز يبعث على الطمأنينة والثقة في نفس المواطن أولاً، قبل أن يُحفز المُستثمرين في الداخل والخارج والمُتعاملين في القطاع الخاص ويُشجعهم كشركاء في التنمية الوطنية وبرامج الخصخصة الحكومية لاقتناص الفُرص واتخاذ القرارات الصائبة، ضمن خطوة تُطبق للمرة الأولى للتأكيد على مدى وجدية التزام الحكومة بالشفافية والإفصاح المالي في طريق تطبيق مُبادرات برنامج التحول الوطني ضمن رؤية المملكة 2030. التقرير الربعي لأرقام الميزانية مُكتسب جديد، وتحول تاريخي تُشكر عليه وزارة المالية السعودية, لأنه يؤكد انتهاج مرحلة شفافية جديدة وفريدة من الحوكمة المؤسسة بكل جدية والمُعتمدة بكل ثقة, لا تقوم به إلاّ تلك الدول الواثقة من أدائها وخططها الاقتصادية، والعازمة للمضي قُدماً في برامجها الإصلاحية، رغم كل الظروف والتحديات المُحيطة بها، لتجعل من الإنجاز الحكومي والأداء المالي، المُبسط بدقة الشفافية والحوكمة أوضح وأقوى مُبدِّد للتكهنات والشائعات والشكوك، لإزاحة أي غبش أو تخوف أو (جُبن اقتصادي) قد يطرأ، واستبداله بسياسات مالية حضارية مُتقدمة -جديدة في عالمنا العربي- بدت في مُنتهى الوضوح والثقة والطمأنينة، كأبلغ إجابة مُقنعة على كل تساؤل قد يُثار. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :