عالم متخيل يفيض.. بالأمل - نجوى هاشم

  • 5/22/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

سائراً في شوارع مدينة "بيتبورغ "بالولايات المتحدة الأمريكية، حاملا ًعلى ظهره حقيبة أدواته ومعداته الطبية، متفحصاً وجوه المشردين، بحثاً عن حالة أو أكثر من المرضى غير القادرين على تحمل نفقات العلاج.. ليعالجهم بلا مقابل.. كان هذا حلمه الذي حلم به واختاره ونفذه.. إنه Dr jimWithers "جيم ويزرز" طبيب الفقراء الذي بدأ تنفيذ حلمه على أرض الواقع منذ عام1992م وحتى الآن نجح في تحقيق ذلك الهدف المتناغم مع الحلم.. وعالج خلال هذه الفترة أكثر من 26 ألف مشرد ولايزال يعالج دون أن يشكل له العدد القيمة الأهم من الهدف..!! في حكاية هذا الطبيب يختلط الهدف الأساسي من الحياة مع تفاصيل الحلم.. يسقط كل منهما على الآخر.. ولا يتبدى واضحاً من سطا على من؟ هل حلمه الذي تجاوز الهدف؟ أم الهدف الذي كرّس حياته له ولم يخطئه.. أو يدور حول نفسه من أجل ملامسته..؟ أم أنه الواجب الذي ارتأى من خلاله أن الحياة في مجملها التزام شخصي.. وواجب عليك أن تمتلك الحد الأدنى من الشجاعة لتقوم به.. دون التوقف أمام الآخرين وأحكامهم.. ومحاولتهم الدائمة ليس فقط لاقتسام حياتك وتقييمها.. ولكن للسطو عليها وممارسة سلطة يفترض أنها لاتعنيك.. ولا ينبغي أن تخضع لها..! لم ينتم هذا الطبيب إلى "منظمة أطباء بلا حدود" وهي كما يعرف أنها منظمة عالمية تقدم مساعدات إنسانية دولية غير حكومية تتخذ من جنيف في سويسرا مقراً لها.. تلتزم المنظمة الطبية بتقديم الرعاية الطبية عالية الجودة إلى الشعوب المتضررة من الأزمات بغض النظر عن الدين أو العرق أو الانتماء السياسي.. وهي تضم أكثر من 27000 موظف ميداني في جميع أنحاء العالم.. تأسست عام 1971م بواسطة مجموعة من الأطباء والصحفيين للمساعدة الطبية الدولية.. مستندين في عملهم على المبادئ الإنسانية المعنية بأخلاقيات مهنة الطب.. وتلتزم بالإدلاء بالشهادة والتحدث علانية.. توظف المنظمة المتطوعين وتجمع التبرعات للحفاظ على الاستقلالية المالية التي تتمتع بها..! ومع تشابه ما تقدمه المنظمة العالمية وهذا الطبيب من خلال الشراكة في تقديم المساعدة الطبية المجانية يبدو هو فارهاً في معايشة حلمه الخاص والانفرادي وحريصاً على معايشته وحده بأكثر التكاليف النفسية والمادية والحياتية.. كونه كان يستطيع الانضواء تحت هذه المنظمة ليعمل دون أجر ويخضع لقوانينها وقوانين الدول التي يذهبون اليها.. لكنه رفض ربما لأنه مزج حلمه الإنساني بالحرية والتي تدفعه في أن يفعل ما يريد ضمن حدود العطاء للآخر دون انتظار مقابل بمعنى يعطي ولا يأخذ.. ولا ينتظر المقابل..! 23عاماً.. وهو يتنقل في شوارع الفقراء.. والمشردين.. يلمسهم ويتحدث إليهم.. ويبحث عنهم وهو الطبيب عكس الصورة المعتادة التي يبحث فيها المريض عن الطبيب وكلما كان الطبيب مشهوراً ومتميزاً زاد بحثك عنه وارتفع كشف عيادته.. وطال موعد الدخول عليه.. وربما أحياناً يكون الأمر مختلفاً عن ذلك ولكن في المجمل تحولت مهنة الطب لدى بعض الأطباء والمستشفيات الى تجارة باهظة القيمة وفاتورة يدفعها المريض دون ضمانات هل يتوازى ما يدفعه مع ماسوف يحصل عليه؟! هذا الطبيب يجسد صورة الإنسان الحقيقية التي لاتخطئها الصورة أحياناً ولم تعد متوفرة بكثرة وهي ذلك الإنسان الذي لديه القدرة الكاملة على الاختيار دون الاهتمام بمن حوله.. الإنسان الذي يتلمس بؤس الآخرين حتى وأبوابهم مغلقة.. ويشعر بالسعادة وهو يصغي لهم ويحتمل جنونهم ويصافح همومهم.. يحقق لنفسه الاكتفاء الذاتي في العيش وهو أعظم ما يمكن أن يشعر به.. يستمتع وهو يلمس تلك الابتسامة على محياهم.. يسعد وهم يتشبثون به عندما يوشكون على الغرق.. إنها القوة المختلطة بالارادة كما يقول "همنجواي" الجمع بين الإرادة والقوة قوة لاتقهر ولا تقف أمامها جبال أو أدغال..! ومع قوته وإرادته لايمكن إلا أن يكون سعيداً جداً ليس لأنه يبحث عن السعادة أو يلاحقها ولكن لأن كل هذه السنوات التي عمل فيها بالمجان وبالحب أفضت اليه بأسرار السعادة.. وبأماكنها.. وهو يجوب الشوارع ليلا ًيكتشف تفاصيل سعادته ويتمتع بها على طبيعته وبذلك الواجب الإنساني الذي أتقنه وأخلص له..! إنها الحياة خليط من الواجب والأهداف والإنسانية والإرادة والإصغاء إلى داخلك والقدرة بأن تقوم بعمل مجموعات وتنتصر على هزائم أفراد إن استطعت تجاوز ما يريده الآخرون.. أو ماينبغي أن تفعله.. أو تصنف من خلاله.. في المحصلة هو الإنسان لا تحكمه معايير أو إيقاعات.. وإنما شجاعة تتصدى لأهداف تحتفي بالحياة..!

مشاركة :