كنت في إجازة في الأسابيع الثلاثة الماضية، قضيت معظمها في الولايات المتحدة الأميركية بعيداً عن مسؤوليات العمل والأحداث السياسية المحلية. وبحكم فارق التوقيت، فقد كنت أتابع الأخبار المحلية بعد مرور يوم على حدوثها... وخلال تلك الإجازة كانت هناك عدة أحداث؛ كخروج النائب السابق مسلم البراك من السجن، وخطابه الشهير أثناء حفل استقباله، وقضية الروسية التي اختلست ملايين الدنانير، مروراً برفض المحكمة الدستورية الطعن المقدم لإبطال المجلس الحالي، انتهاءً بجلسة استجوابي رئيس الوزراء واستجواب وزير الإسكان، التي علّق عليها أحد النواب بكل اختصار بكلمة «سهود ومهود».وبالرغم من كون كل تلك الأحداث مواد دسمة لكتابة مقال، إلا أن أكثر ما شدني للكتابة هو تصريح رئيس غرفة التجارة في الأسبوع الفائت: «لا إصلاح حقيقيا من دون مساس جيوب الجميع؛ المواطنين والقطاع الخاص».الحقيقة أنا أختلف مع السيد رئيس غرفة التجارة في جزئية عدم إمكانية الإصلاح إلا من خلال مس الجيوب، حيث إنني مؤمن بأن الإصلاح يبدأ عبر تعديل المنظومة السياسية والنظام البرلماني الديموقراطي وفصل السلطات ومحاربة الفساد وبالتأكيد عبر تحقيق العدالة الاجتماعية، ولكنني أتفق معه بأهمية «مس جيب الجميع» كجزء مهم جداً من عملية الإصلاح.ففي الكويت وحتى يومنا هذا تُستنزف موارد الدولة وميزانيتها العامة عبر المناقصات المليونية والمليارية التي تذهب لتلك الشركات الكبرى من دون أن تدفع فلساً واحداً كضريبة لهذه الدولة التي وفرت لها المناخ المناسب من حيث الأرض التي تستأجرها بأرخص الأثمان؛ والماء والكهرباء المدعومين اللذين لا يكلفان حفنة دنانير بالمقارنة مع ما تحصل عليه تلك الشركات من مردود.كما أن دور تلك الشركات الاجتماعي معدوم تماماً، فهي لم تحل لنا مشكلة البطالة التي تعاني منها فئة ليست بسيطة من شباب الكويت، بل ان غالبية موظفيها والعاملين هم من الوافدين. لذلك نعم يجب أن تمس الجيوب، ويجب أن يسارع المشرّع بوضع قانون الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة، بحيث ترتفع الضريبة بارتفاع مستوى الدخل، فيكون هناك مورد جديد للدولة قد يساهم في سد العجز في الميزانية.كما أنني أتمنى أن تفرض ضريبة على أي شركة أو مؤسسة تقوم باستقدام عامل او فني او موظف من الخارج ما دام هناك من يحمل شهادته وتخصصه نفسيهما من الشباب الكويتي، وبذلك نكون فعلاً اشركنا القطاع الخاص بالتنمية وحل مشكلة كبيرة كمشكلة البطالة.في الختام، لن يعترض أحد على وجود ضرائب طالما هناك حسن إدارة لتلك الأموال، لذلك يأتي الإصلاح السياسي أولاً، ثم تأتي الضريبة التصاعدية لتحقق العدالة الاجتماعية.dr.hamad.alansari@gmail.comtwitter: @h_alansari
مشاركة :