سوق ورسامون بقلم: فاروق يوسف

  • 5/29/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صارت اللوحة مصدرا للعيش، من غيره لن يجد الرسام معنى للاستمرار في الرسم، بطريقة أو بأخرى يمكن النظر إلى الرسامين العرب باعتبارهم كائنات تمارس التجارة.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2017/05/29، العدد: 10647، ص(16)] في الماضي كان الرسام العربي يشعر بالخجل حين يصل الحديث إلى أسعار لوحاته، أتذكر الأصدقاء الكبار وهم يشعرون بالحيرة في مواجهة ذلك السؤال الذي يرميهم في السوق، وهو المكان الذي لن تصل إليه أقدامهم، فكيف بهم وهم يرون لوحاتهم، وهي أعز ثرواتهم قد وصلت إليه؟ ثقافة الرسام العربي لم تكن تعينه على النظر إلى لوحته باعتبارها بضاعة، وهي حقيقة استفاد منها الكثيرون في الوقت الذي كان فيه ذلك الرسام، وهو الأصل في العملية، غير قادر على استيعابها والتعامل معها إيجابيا. لقد بيعت روائع الأعمال الفنية بأبخس الأثمان، غير أن منتجيها كانوا سعداء، لأنها ذهبت إلى الأماكن التي يمكن أن تحافظ عليها، لقد حرص الرسامون على متابعة مصائر لوحاتهم، فهي تحمل شيئا من أرواحهم معها. اليوم لا أحد من الرسامين العرب يفكر في مصير أعماله، فالجميع، وإن كانت هناك استثناءات قليلة يرسم من أجل العيش، لقد ألقت المشكلة الاقتصادية بظلالها على علاقة الرسام بلوحته، هناك تحول خطير شهدته تلك العلاقة. لقد صارت اللوحة مصدرا للعيش، من غيره لن يجد الرسام معنى للاستمرار في الرسم، بطريقة أو بأخرى يمكن النظر إلى الرسامين العرب باعتبارهم كائنات تمارس التجارة، وهو ما يعني خضوعهم لإملاءات معادلة العرض والطلب. ولأن صالات العرض تنحاز إلى ذائقة المقتني فقد صار على الرسامين أن يخضعوا لتلك الذائقة، لذلك يمكن القول إن معظم ما ينتج من رسوم في العالم العربي إنما هو وليد ذلك المختبر التجاري، أما من يقف خارج ذلك المختبر فمصيره معروف سلفا، الفقر والطرد من القبيلة التي صارت تمد أذرعها إلى كل مكان. لن يلقى الفنان الحر المستقل ترحيبا، ذلك لأن أعماله لن تلقى رواجا تجاريا. لقد فشل الكثيرون في اختراق تلك السوق التجارية لا بسبب ترددهم، بل بسبب انغلاق الفن على نوع فني لا يسمح لسواه بالتنافس معه، لقد انهار الرسم العربي من أجل السوق. كاتب عراقيفاروق يوسف

مشاركة :