حوار: زكية كرديمجهود كبير يحتاجه العمل الفني الذي يمتعنا على الشاشة لوقت قصير، فما يزال المخرج حيدر محمد، منشغلاً بمونتاج حلقات الموسم الثاني عشر من مسلسله الشهير «شعبية الكرتون» والذي تحول إلى طقس رمضاني تنتظره الكثير من العائلات، حيث أثبت على مدار سنوات طويلة قربه من الناس وقراءته للشارع بعين رسام الكاريكاتير المحترف، ذلك الذي صقلته خبرة العمل الصحفي فغذت لديه القدرة على استقراء الواقع واستنباط المواضيع التي تشغل المجتمع وتهمه بحق، ليعيد معالجتها بفكره الكريكاتيري فينتج حلقات مضحكة ومسلية تحمل بعداً وعمقاً حقيقياً يحمل سر استمراريتها، كما يخبرنا في حوارنا التالي معه: يعتبر «شعبية الكرتون» المسلسل الكرتوني الوحيد هذا العام، ما السر وراء ذلك؟ الجانب الفكري هو القوة التي تضمن لأي عمل الاستمرار، بغض النظر إن كان عملاً كرتونياً أم غيره، وربما لاحظ الناس أن هناك الكثير من الأعمال على المستوى الخليجي والعربي انطلقت لمواسم قليلة لكن لم تتمكن من البقاء لفترات طويلة، ولعل بعضهم تميز بالأنيمشن لكن المحتوى الفكري لم يسعفهم، فالكرتون يحتاج أفكاراً مختلفة عن المسلسلات العادية، وأعتبر أن سر استمراريتي يكمن في أني رسام كاريكاتير في الأصل، ومخزوني الفكري وطريقتي في قراءة المجتمع كاريكاتيرية أساساً، أي أنني أفكر بشكل كاريكاتيري، وهذا ما يفتقده الآخرون ربما، هذا بالإضافة إلى أن الكثير من الناس تفهم الكرتون بشكل خاطئ، فيعتبرونه قائماً على تصميم الشخصيات بالدرجة الأولى.في سياق حديثنا عن الأفكار، هل تخبرنا عن أبرز المحاور التي تناولتها هذا الموسم؟ مواقع التواصل الاجتماعي، وظاهرة الاستعراض المتفشية عليها كانت أبرز المواضيع التي تناولناها.هذه الظاهرة ليست جديدة على المجتمع، ما الذي جعلك تتوقف عندها؟ بالفعل هي ليست جديدة لكنها تنتشر أكثر فأكثر، ولعل الأمراض النفسية والاجتماعية المتعلقة بها بدأت تظهر بوضوح مؤخراً وهذا ما جعلنا نسلط الضوء عليها، وبالعموم يمكنني القول إن المشاكل التي نجدها في المجتمع الخليجي هي بالضرورة مختلفة عن مشاكل المجتمعات الأخرى، فلكل خصوصيته، ولن نجد المشاكل التي نعرفها عن مصر أو الهند في مجتمعنا الإماراتي، صحيح أن المشاكل أقل، ولهذا نبدع في أخذ أي قضية أو مشكلة على أكثر من وجه، مثلاً ظاهرة (الفانشيستا) يمكننا أن نؤسس عليها 30 حلقة، كل منها مختلفة عن الأخرى.تتناول المواضيع عادة بأسلوب خاص، هل نتحدث عن طريقتك في المعالجة؟ منذ البداية اعتمدت وفريقي أسلوب السهل الممتنع، وهو ليس بالسهل أبداً، لكن تراكم خبرة 13 سنة من العمل في الصحافة المحلية صقلتني فكرياً، وأنا أجني ثمارها اليوم وأعمل استناداً لهذه الخبرة التراكمية التي أمتلكها.هل تعرفنا على الشخصيات التي تمت إضافتها إلى الحلقات الجديدة؟ أعتقد أن الناس شاهدوا «تفوح» التي تعتبر مفاجأة الموسم 12، فهي زوجة «شامبيه» الذي كان يتظاهر طوال المواسم الماضية أنه أعزب الشعبية، لنكتشف هذا العام أنه متزوج منها في السر، وأيضاً لدينا «قريع» الأقرع والذي سوف ترونه في الحلقات القادمة، وهو الكلب الذي سوف يؤلف ثنائية رائعة مع «شامبيه»، و«مستاشو» الصرصور صديق «دحيم» الذي يعتبره «البودي جارد» الخاص به، فيخيف به الفتيات اللاتي يتحرشن به.مع وجود الكثير من الشخصيات في «شعبية الكرتون»، نتساءل عن مدى ضرورة إدخال الشخصيات الجديدة؟ هذا صحيح، فشخصيات الشعبية جاوزت الأربعين، وهذا يعني أنها بالفعل لا تحتمل إدخال المزيد منها، لكننا ندخلها لاستهداف فئة معينة من المشاهدين، بالإضافة إلى إعطاء روح جديدة في العمل، فغير التجديد في الأفكار نحن بحاجة إلى التجديد في الشخصيات حتى نكسر الملل لدى المشاهدين، فالجمهور يمل بسرعة، ولهذا أدخلنا أماكن جديدة أيضاً حتى نحافظ على الحركة والتطوير.من أين تأتي بالأفكار عادة؟ من المجتمع، حيث نعالج قضاياه بطريقة ال (كاريكارتون/ كاريكاتير) والذي يعتبر مزجاً ما بين الكاريكاتير الذي يركز على قضايا الشارع والرأي العام، والكرتون الذي يركز على الإضحاك لأجل الإضحاك فقط، لهذا نحن نستمد الأفكار من قراءتنا ومعايشتنا للواقع، وتجارب الناس في مجتمعنا.كيف تكتب الحلقات؟ لست أكتب وحدي، فقد اعتدنا أنا وفريق العمل أن نواظب على الكتابة في ورشة عمل على مدار العام، فنجتمع بشكل يومي تقريباً ما بين الثامنة مساءً والثانية عشرة ليلاً، لنتناقش في الأفكار ونصوغها بالشكل الأفضل، والورشة مكونة مني، ومحمد بن فاضل، الذي يؤدي شخصية شامبيه، ومصطفى جار النبي، وخالد المرزوقي، وهم جميعاً يؤدون أصوات الشخصيات في العمل، ويشاركون في كتابة وتأليف الحلقات، وأعتقد أن هذا أحد أسرار النجاح، فهذا العمل هو نتاج التعاون بين الفريق، وليس معتمداً على أفكار شخص واحد.كيف تتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي؟ أكتفي بشخصية المراقب على مواقع التواصل، فلدي حسابات على مواقع عدة لكنني نادراً ما أنشر شيئاً، مثلاً على «تويتر» لدي حساب منذ سنوات، لكني لم أنشر عليه سوى 4 تغريدات فقط، وكذلك غيره من المواقع.وكيف تقرأ آراء الناس والناقدين حول برنامجك، وكيف تتعاطى معها؟ دائماً أفرز هذه الآراء، وبرأيي عندما يتعلق الموضوع بإبداء الرأي بعمل فني ينقسم الناس إلى فئات، الأولى هي الناس التي تحب العمل بسيئاته وحسناته، وهؤلاء لن ينتقدوه بكل الأحوال فهم يرونه بعين المحب، والفئة الأخرى تكره العمل، وقد تشن حملة عليه سواء كان جيداً أو سيئاً، وهؤلاء لا أضعهم في بالي ولا أتوقف عندهم، أما الثالثة فهي التي تعطي رأياً موضوعياً وصريحاً، وهذه فئة أهتم بنقدها، لأنه هو الذي يجعلنا نتطور ونعمل على تلافي المشاكل.هل لديك مشاريع أخرى غير مسلسل «شعبية الكرتون» تخبرنا عنها؟ لدي عمل أحضر له وأعتقد أنه سيكون مفاجئاً للجميع، إلا أنه لا يمكنني التحدث عنه حالياً مراعاة لرغبة الجهة المنتجة، وسوف نعلن عنه قريباً.
مشاركة :