تقاس حضارة كل أمة وتقدمها بتعدد جمعياتها المدنية وتنوعها، من حماية البيئة والرفق بالحيوان ومساعدة المرضى، وما شئت من الأهداف التي تخدم المجتمع بعامة، والجمعيات المدنية تختلف عما نسميه عندنا بالهيئات كهيئة الصحفيين والمهندسين، وهي تسمية مضللة لأنها في الحقيقة نقابات، ولكن لأمر ما تجنبنا لفظة نقابات مع أنّ كل العالم تبناها، ثم إنّ كلمة هيئة تطلق في العادة على مؤسسات حكومية أو شبه حكومية كهيئة الاتصالات، المهم تختلف الجمعيات المدنية عن النقابات بأنّ هذه الأخيرة تهتم بشؤون أعضائها ومصالحهم وليس بالمجتمع ككل بل إنّ مصالحها قد تتعارض أحياناً مع مصالح المجتمع، كما تختلف الجمعيات المدنية عن الأحزاب السياسية، بأنّ هذه الأخيرة تسعى إلى الاستحواذ على السلطة لتنفيذ أهدافها، في حين انّ الجمعيات المدنية لا تسعى إلى الاستحواذ على سلطة سياسية، ولو أنها تستهدف أن تكون لها سلطة ثقافية، وعلى أية حال وكما يقول المفكر الإيطالي جرامشي، ليس هناك استيلاء على السلطة السياسية قبل الاستيلاء على السلطة الثقافية، وأحوج ما نكون إليه الآن هو جمعية مدنية لحماية البيئة من التلوث، ولو وجدت هذه الجمعية لما انتشر فيروس الكورونا واستشرى بالشكل الذي نشهده، فهل نعتبر بذلك؟
مشاركة :