-التاريخ الشفوي في السلطنة وتوثيقه يعد التاريخ الشفوي حقلا تاريخيا اسطوغرافيا يتيح للمؤرخ توسيع مجال البحث ودراسة الماضي من خلال ذاكرة منطوقة قوامها روايات الأفراد واستحضاراتهم عن حيواتهم وخبراتهم ومشاهداتهم، لا سيما تلك التي شاركوا فيها وكانوا صانعي أحداث أو قريبين منها أو معاصرين لفترة زمنية محددة ولم تجد هذه المعلومات والمعارف طريقا إلى التدوين والتوثيق والكتابة. ويمثل التاريخ الشفوي في السلطنة الذي تعمل على استقصائه حاليا هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية مصدرا لكثير من المعلومات والمعارف التي تتناقلها الأجيال وترويها الشخصيات المعاصرة للمشاهد والأحداث، وتسعى الهيئة إلى حفظ جانب من الإرث والمخزون العلمي والثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأدبي الذي تختزنه الذاكرة البشرية وتحتفظ به ذاكرة العديد من أبناء هذا الوطن ممن كان لهم دور مهم في تلك المجالات وغيرها، أو من الذين عاصروا التطور الذي تعيشه البلاد تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد " حفظه الله". ومن المقرر أن تحتفل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تحت رعاية معالي الشيخ سعود بن سليمان بن حمير النبهاني مستشار الدولة بتكريم الدفعة الثانية من رواة التاريخ الشفوي، بحضور الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس الهيئة احتفاء برواة التاريخ الشفوي الذين سجلوا روايتهم الشفوية عبر المقابلات الشخصية التي أجراها فريق عمل المشروع بالهيئة لعدد من أصحاب الفكر والتجربة والمحفوظات الوطنية وتثمينا لجهودهم، حيث احتفت الهيئة بالدفعة الأولى في يونيو من عام 2015. ويشتمل برنامج حفل تكريم الدفعة الثانية من رواة التاريخ الشفوي على كلمة لرئيس الهيئة وكلمة للرواة وعرض فيلم قصير حول التاريخ الشفوي "لكل زمان حكاية" ، كما سيتم عرض ثلاثة أفلام حول الرواة الذين تم التسجيل معهم لتوثيق التاريخ الشفوي. وقال مدير دائرة البحوث والدراسات في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ومشرف " مشروع التاريخ الشفوي" الدكتور عبدالعزيز بن هلال الخروصي في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن اهتمام الهيئة بهذا المشروع، يأتي إيمانا منها بأهمية توثيق تاريخ عُمان التليد من خلال حفظ الرواية الشفوية وهو إضافة جديدة ومركز إشعاع مهم للمعرفة البحثية، ويعد من الركائز الأساسية في توجه الهيئة لتكوين بيئة داعمة للبحث العلمي وقادرة على الإسهام الفاعل في حفظ ذاكرة الوطن، ولضمان بقائها كرصيد تاريخي حي للبلاد، من خلال إجراء المقابلات التوثيقية مع صناع الحدث أو المشاركين فيه أو مع أصحاب الفكرة والتجربة اليومية. وأضاف الخروصي أن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قد أطلقت في عام 2012 مشروع توثيق تاريخ السلطنة الشفوي " المروي "، الذي يمثل جزءا من الذاكرة الوطنية إلى جانب الوثيقة المكتوبة سعيًا منها في حفظ هذا التاريخ، حيث تم تشكيل فريق عمل متخصص ومدرب في مجال التاريخ الشفوي ومجهز بكل الأدوات الفنية والتقنية التي يحتاجها العمل، وأنشأت الهيئة في مقرها من أجل هذا المشروع أستوديو مخصص لإجراء المقابلات والحوارات والبث الحي ومجهز بأحدث الأجهزة والأدوات والتقنيات المتطورة في عالم التسجيل والتصوير. وأوضح أن العمل في مشروع التاريخ الشفوي سينتج عنه وثائق وملفات، تستدعي أنْ يكون تصنيفها وفق نظام إدارة الوثائق الذي تضطلع به الهيئة، ولكي يتم التعامل بكل سهولة ويسر مع المواد العلمية والتسجيلات والمقابلات، وكذلك سهولة الرجوع إليها من قبل العاملين بالمشروع أو حتى الباحثين مستقبلا ، فالمشروع بحاجة إلى مراعاة عدة قواعد أهمها، تصنيف المقابلات بما يتلاءم مع المضمون والمحتوى اجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، واقتصاديا، وعسكريا، وإداريا، وفنيا، وغيرها، وتفريغ المعلومات " المقابلات" من الصيغ الرقمية إلى مادة كتابية مطبوعة، وكذلك مراجعة المادة المفرغة وتقييمها " لغويا وعلميا" من قبل لجنة مختصة، أو باحثين مؤهلين للتعامل مع نصوص المقابلات والحوارات الشفوية، أيضا التأكد من سلامة الأجهزة المستخدمة في المقابلات، والتأكد من نقل المقابلات من أجهزة المتعاونين إلى أجهزة الهيئة، لضمان سريتها وعدم تسربها إلى خارج الهيئة، وتهيئة الأماكن " المكاتب" المناسبة لإدخال البيانات وإجراء عمليات التفريغ، وإعداد جداول مدد استبقاء للمقابلات لضمان إتاحتها للجمهور بعد خضوعها لمراحل التدقيق والتحليل وفق قانون الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان. وأضاف أن من القواعد أيضا عدم عرض المادة العلمية المستخلصة من المقابلات إلا بعد التأكد من سلامتها وجودتها وبُعدها عن كل ما يثير بواعث الخلاف، أو يسيئ إلى الآخرين، سواء أكانوا أفرادا أو جماعات، أو الإساءة إلى العادات والتقاليد، أو جانب من الجوانب الحياتية. وقال إن اختراع الطباعة والتطور التقني لم يكن يغني عن التواصل الشفوي فالكلمة لا تزال وستظل الوسيلة الأسهل والأكثر فعالية في نقل المعارف والأخبار والأفكار، وهناك الكثيرون لا يُقدرون قيمة التاريخ الشفوي، فعندما نتحدث عن التاريخ، يجول في خاطرنا التاريخ المكتوب، وتلوح بين ناظرينا الكتب والمؤلفات والوثائق والمجلدات والأوراق، ويتم استبعاد الوثائق الشفوية. وأشار إلى أن "التاريخ من حولنا، نجده بيننا أو في مجتمعنا، وحتى بين أسرنا، نجده في تلك الذكريات التي لا تزال بيننا، من خلال الأشخاص سواءً كبار السن، أو أصحاب التجارب والخبرات، فعندما نتحاور مع شخص من هؤلاء، فيمكن للباحث أنْ يصدر كتاباً من خلال سماعه أو نقله لمقابلة أو تجربة إنسانية وقف عليها وتحاور مع من كان فاعلاً فيها وشاهداً لها". الجدير بالذكر أن وزارة التراث والثقافة عملت أيضا خلال السنوات الماضية على تنفيذ مجموعة من البرامج لجمع التاريخ المروي العماني في مجال توثيق مختلف الموروثات الشعبية العمانية كالفنون الشعبية والعادات والتقاليد والاحتفالات المختلفة للمناسبات الاجتماعية والدينية والوطنية بالإضافة الى الحرف والصناعات التقليدية والعمارة العمانية. // يتبع // 11:07ت م ثقافي / النشرة الثقافية لوكالة الأنباء العمانية / إضافة سابعةـ كتاب المبصرون في الشعر العماني إصدارُ يحمل بين طياته سيرة وقصائد ثمانية شعراء عمانيين فقدوا أبصارهم لكن لم تخفت، بصيرتهم وملأوا الدنيا شعرًا وحكمة وأشعلوا لمن أتى بعدهم مشاعل الإبداع غير أن تلك السيرة المختصرة والقصائد في كتاب " المبصرون في الشعر العماني " كُتبت بلغة " برايل " للمكفوفين فكان الإصدار فرصة لعبور حدود اللغة الى عالم أوسع وأكثر فائدة. وفي حفل تدشين الكتاب الذي نظمته مؤسسة بيت الزبير قبل أيام احتفت المؤسسة وجمعية النور للمكفوفين ومعهد عمر بن الخطاب للمكفوفين بحضور معالي محمد بن الزبير بن علي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي بإصدار الطبعة الأولى من الكتاب الذي يقع في ثلاثين صفحة، وتناول سيرة مختصرة وقصائد لثمانية شعراء عمانيين مكفوفين من حقب مختلفة وهم الشاعر راشد بن خميس الحبسي، الشيخة عائشة بنت عيسى الحارثية، الشاعر صالح بن سعيد الزاملي، الشاعر عبدالله بن عامر العزري، الشاعر ثابت قطنة العتكي، الإمام نور الدين السالمي، الشاعر الربيع بن المر الرستاقي والشاعر الصلت بن خميس الخروصي. وقال المدير العام لمؤسسة بيت الزبير الدكتور محمد بن عبدالكريم الشحي "إن الكتاب جاء بمبادرة من مختبر الشعر الذي يعد من المختبرات الثقافية والأدبية التي دشنها بيت الزبير للمساهمة في رفد الحركة الثقافية والمشهد الثقافي في السلطنة، وتتضمن هذه المبادرة مختبرات في مجالات الفنون التشكيلية، المسرح، الشباب، والطفل، وتضم نخبة من الفاعلين في المشهد الثقافي". وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية " أن مختبر الشعر حرص منذ انطلاقته على تعزيز حركة الفعل الثقافي وابتكار روافد وبرامج مستدامة تسهم في ايجاد مشاريع ذات أهداف ومحتويات تخدم قطاعات مهمة في المجتمع وتتفاعل معه ومن بينها معرض الخط العربي الذي أُقيم تحت عنوان " رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ"، وتضمن عددًا من اللوحات المستقاة من الشعر العماني في المديح النبوي لثمانية خطاطين أظهرت مدى التكاملِ بين الشعرِ وفنونٍ أخرى، وتنفيذ مبادرة "سفر فني في الشعر الروحي العُماني"، والتي استوحي من خلالها لوحات فنية قام بها عدد من الفنانين التشكيليين من خلال زيارتهم للأماكن التي عاش فيها عدد من الشعراء العمانيين ومسابقة " من روح أطلال المدن" التي أُقيمت تزامنًا مع معرض مسقط للكتاب حيث تم اختيار صور فوتوغرافيَة مستوحَاة من نصوص شعريّة عُمانية بالوقوف على الأمكنة المنسيّة والأطلال العُمانية، ومبادرة "ثلاثين سدرةً تحرس الجبل" التي سيتم تدشينها قريبًا، وهي عبارة عن ثلاثين قصيدة لثلاثين شاعرًا عمانيًا سيتم ترجمتها الى اللغة الألمانية وأفكار أخرى قادمة. من جانبه قال الشاعر سماء عيسى المشرف على مختبر الشعر الذي يضم أيضًا الشاعرة عائشة السيفية والشاعر خالد المعمري إن مختبر الشعر بمؤسسة بيت الزبير يهدف الى رفع الذائقة الشعرية إلى درجات من الحِس الجمالي الذي يربط الشعر بروح الطبيعة العمانية المتنوعة، وبمختلف أشكال التعبير الفني والثقافي، كالتصوير الضوئي والخط العربي والفن التشكيلي والنحت والموسيقى والسينما والمسرح وغيرها. وأشار الى أن كتاب" المبصرون في الشعر العماني" يعد إنجازًا سيحمله الكفيف معه قارئًا لتراث يُشار إليه بالبنان من الشعر العماني الخالد، يمثل نخبة مختارة لشعراء من حقب تاريخية مختلفة وتمت الاستعانة بجمعية النور للمكفوفين، ومعهد عمر بن الخطاب لتحويله إلى قصائد مكتوبة بلغة "برايل" للمكفوفين. وقالت الشاعرة عائشة السيفية لوكالة الأنباء العمانية " إن هذا المشروع " جاء في إطار عدة مبادرات سعت للخروج بمشاريع مختلفة نوعيًا تتعدى حدود القاعات المغلقة والفعاليات المؤقتة إلى مشاريع طويلة المدى وذات أثر بعيد" مشيرة إلى أن الكتاب الذي تم الاحتفاء به جاءت فكرته " من منطلق تجسير الشعر مع شرائح المجتمع ومن بينها شريحة المكفوفين المهمة ولكي نرسل رسالة مفادها أن الحياة لا تتوقف وفقدان البصر لم يُوقف هؤلاء الشعراء عن التحليق في عالم الخيال وجنون الشعر وجماله ونأمل أن يكون هذا الإصدار فرصة أولى لنعبر به حدود اللغة ولنحمل سيرة ثمانية شعراء من هؤلاء الخالدين ودهشة قصائدهم إلى أبعد من القارئ العماني وحدود المكان والذاكرة العمانية، ونريد أن نقول طوبي لأولئك الذين يخرجون من العتمة حيوات وشخوصًا قمرًا وسحابًا يخرجون منها الإخضرار والشجر وكرنفالات من المشاهد المتحركة والخيالات التي لا تخبو جذوتها ". // يتبع // 11:07ت م ثقافي / النشرة الثقافية لوكالة الأنباء العمانية/ إضافة ثامنة واخيرةوتحدث إبراهيم بن حمدون الحارثي رئيس مجلس إدارة جمعية النور للمكفوفين عن أهمية مثل هذه المشاريع للجمعية وضرورة تكامل الجهود الثقافية بين المؤسسات الأهلية والحكومية والخاصة وقال كتاب " المبصرون في الشعر العماني" يتحدث عن كوكبة مضيئة في التاريخ العماني لم تقف الإعاقة حائلًا بينهم وبين الإبداع وتحقيق ما يصبون إليه بل أمدتهم بطاقة متجددة فجرت فيهم روح التحدي وتحقيق إنجازات عظيمة عجز عن تحقيقها أقرانهم من المبصرين. وأضاف " الإصدار يعتبر مفتاح التعاون بين الجمعية وبيت الزبير الذي لم يدخر وسعًا في تبني الفكرة وقام بإعداد الإصدار وجمع مادته وقامت الجمعية بتحويله إلى لغة " برايل " ليتسنى للمكفوفين تصفحه والنهل من معينه بكل سهولة ويسر، حيث تم طباعة 500 نسخة منه سيتم توزيعها داخل السلطنة وخارجها ". يذكر أن الشاعر راشد بن خميس الحبسي (1089 -1150)هـــ ولد بقرية (عين الصوارخ ) بوادي العين في ولاية عبري، وقد شاء القدر أن يحرم من نعمتين منذ طفولته وهما نعمتا البصر وحنان الأبوين، حيث فقد بصره وهو ابن ستة أشهر ومات أبواه وهو في السابعة من عمره وعلى الرغم من ذلك فقد عوضه الله بموهبة الشعر، وقد طلبه الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي للانتقال إلى جبرين ليقوم برعايته وتربيته وتعلم في ظله علوم القرآن الكريم وعلوم اللغة فأصبح شاعرًا مجيدًا، وأديبا حاذقًا، وخاض في جميع فنون الشعر، وقد ترك لنا هذا الشعر موروثًا قيمًا في مجال الشعر مما حدا بوزارة التراث والثقافة بطباعة ديوانه المسمى (ديوان الحبسي). والشاعرة عائشة بنت عيسى الحارثية أديبة وشاعرة تربت في بيت علم وحكمة، وصدر لها في 2012م كتاب « من أيامي » متحدثة فيه عن سيرة حياتها، وضمت هذه السيرة مجموعة من قصائد الشاعرة لم تردُ منفصلة بل ضمن متن السيرة بحسب الموقف أو المناسبة التي قيلت فيها القصيدة. كما أن الشاعر صالح بن سعيد الزاملي كان قاضيًا في زمن الإمام ناصر بن مرشد اليعربي والإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، وكان أيضا فقيها ورعًا ومن المتصدرين في الفتيا، أما الشاعر عبدالله بن عامر العزري فقد ولد كفيف البصر وكان تواقًا للمعرفة لذا فقد تنقل في حياته بين عُمان وزنجبار طلباً للعلم وسعيًا للمعرفة، وأيضا الشاعر ثابت قطنة العتكي، وهو بالإضافة الى كونه شاعرًا كان من الفرسان الذين يُشار إليهم بالبنان. والإمام نور الدين عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي (رحمه الله) له العديد من المنظومات والأراجيز والمؤلفات في العقيدة والأصول، وأشهر كتبه " تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان ". والشاعر الربيع بن المرّ بن نصيب الرستاقي ولد في ولاية الرستاق، وتلقى تعليمه في مسقط رأسه حيث حفظ القرآن الكريم، ودرس أصول الدين وأصول العربية متتلمذًا على يد الشيخ محمد بن حمد الزاملي، له قصائد نشرت ومنظومة في النحو بعنوان " العينية ". أما الشاعر الأخير في كتاب " المبصرون في الشعر العماني " فهو الشاعر الصلت بن خميس الخروصي، فهو فقيه وشاعر ترك العديد من الأعمال منها " البيان والبرهان" وكتاب "الأحداث والصفات" ويعد من العلماء البارزين في القرن الثالث الهجري. // انتهى // 11:08ت م www.spa.gov.sa/1636812
مشاركة :