دبي:عبير أبو شمالةقال محللون وخبراء ماليون إن قرار قطع العلاقات مع قطر ستكون له تكلفته الباهظة على الاقتصاد القطري، وعلى مختلف المستويات، ولعل أهمها التجارة حيث تستورد قطر 90% من احتياجاتها من الخارج، ومنها 30 إلى 40% من السعودية، والإمارات، ما يعني إنها تواجه خطراً حقيقياً يهدد بنقص حاد في السلع الرئيسية، الأمر الذي ظهرت تبعاته بشكل لافت، أمس، من تزاحم القطريين على منافذ بيع المواد الغذائية ومتطلبات الحياة الرئيسية تحسباً من تبعات العقوبات المفروضة على قطر.وبالفعل، بدأت معالم فاتورة التكاليف الفادحة على الاقتصاد القطري تتضح في اليوم الأول من فرض العقوبات، مع تراجع أسهمها بأكثر من 8% في جلسة أمس، وارتفاع تكلفة التأمين على ديونها السيادية بنقطتين إلى أعلى مستوى لها في شهرين.ونزلت السندات الدولارية السيادية لقطر استحقاق 2026 لأقل مستوى منذ مارس/آذار، بحسب ما نقلت «رويترز»، وهبطت السندات الدولارية السيادية لقطر استحقاق 2026 بواقع 1.8 سنت وفقاً لبيانات تريدويب إلى 99 سنتاً للدولار بعد الخلاف الدبلوماسي مع دول عربية. كما نزلت السندات الأقصر أجلاً استحقاق 2019 وسجلت أقل مستوى لها منذ أواخر 2013 على الأقل.تكلفة الديونارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية القطرية إلى أعلى مستوياتها في شهرين، يوم الاثنين، بعد قطع العلاقات.وارتفعت عقود مبادلة مخاطر الائتمان القطرية لخمس سنوات نقطتي أساس عن إغلاق يوم الجمعة لتصل إلى 61 نقطة أساس مسجلة أعلى مستوى لها منذ أوائل إبريل/نيسان.وقال ماتيوس إنجونين المحلل الائتماني لدى وكالة التقييم الائتماني العالمية «موديز»، إنه ما زال من المبكر الحكم على تبعات قطع العلاقات مع قطر على المدى الطويل على الاقتصاد القطري، إلا إنه ما من شك في أنه كلما طال أمد الخلاف والقطيعة مع دول المنطقة كلما أثر ذلك سلباً في اقتصاد قطر وفي وضعها وتقييمها الائتماني.وأضاف في تصريحات ل«الخليج» أنه كلما زاد الوقت كلما تصعدت التأثيرات بصورة أكبر، لافتاً إلى أن الوضع هذه المرة مختلف، فمن المتوقع أن يكون هناك تأثيرات حادة على حركة التجارة مع قطر، ما سيؤدي إلى ارتفاع مستويات التضخم وينعكس سلباً على مستوى العديد من القطاعات، منها مشاريع البنية التحتية والإنشاءات، ولفت إلى أن هذا أحد السيناريوهات المحتملة للفترة المقبلة.وأضاف أنه من الصعب بالنسبة للوكالة أن تتخذ قراراً في الوقت الحاضر، لافتاً إلى عدم وجود وضوح كامل حول طبيعة المفاوضات بين دول المنطقة في هذه المرحلة. لكنه عاد وأكد إن التأثيرات ستكون صعبة على الاقتصاد القطري في حال استمر قطع العلاقات لفترة أطول.وكانت الوكالة خفضت قبل أيام قليلة تقييمها الائتماني لقطر من Aa2 إلى Aa3، وقال إنجونين إن القرار لم يكن نتيجة التوتر السياسي وإنما نتيجة بارتفاع مستوى المديوينة في قطر الذي يزيد على 150% من إجمالي الناتج المحلي لها، وفقاً لبيانات العام الماضي.ولفت إلى إن قطر تعتمد إلى حد كبير على التمويل الخارجي لتمويل العجز في الموازنة، ومن الممكن أن يؤدي التوتر السياسي الراهن إلى رفع تكلفة الاقتراض بالنسبة لقطر الأمر الذي سيكون له تأثيراته الصعبة، وسيزداد وضع قطر صعوبة في حال توقفت المؤسسات المالية في الإمارات والسعودية عن إقراض قطر في المرحلة القادمة.وبالفعل، ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية لقطر، يوم أمس، بنحو نقطتي أساس لتصل إلى أعلى مستوى لها في شهرين.وقالت الوكالة إن الارتفاع الحاد في التزامات قطر الخارجية يرجع لارتفاع الالتزامات الخارجية على البنوك التجارية في قطر إلى 123 مليار دولار، أو ما يعادل 81% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2016، مقابل 85 مليار دولار في نهاية 2015.انعكاسات سلبيةوقال محمد علي ياسين، العضو المنتدب لدى شركة أبوظبي الوطني للأوراق المالية، إنه وفي ضوء ما رأيناه في أسواق الأسهم اليوم، دليل على التأثر السلبي المتوقع جراء قرار قطع العلاقات، فالمستثمر في الأسهم لا يحب حالة عدة اليقين ويؤثر الابتعاد عن الأسواق التي تواجه مشكلات، لافتاً إلى إن الانعكاسات السلبية يمكن أن تنسحب جزئياً على أسواق المنطقة في مرحلة لاحقة.وأكد أن وضوح الرؤية في المرحلة القادمة هو الذي سيحدد نقطة الدخول للاستثمار خاصة في الأسهم القيادية، ولفت إلى أن استمرار قطع العلاقات سينعكس سلباً على المديين المتوسط والطويل على أداء الشركات المدرجة نفسها، لاسيما وأن اقتصاد قطر والعديد من القطاعات الاقتصادية يعتمد على الاستيراد بشكل أساسي.وأضاف طارق قاقيش مدير إدارة الأصول لدى شركة «ميناكورب» إن الوضع إذا لم يتم حله وبشكل سريع فستكون له تأثير موجع على اقتصاد قطر التي تعتمد بشكل كبير على الاقتراض لتمويل العجز والنمو، ما يعني إن المخاطر السيادية من شأنها أن ترفع تكلفة الديون السيادية بحدة، وتزيد بالتالي من مستوى المديونية في قطر.وقال إن التأثير بدأ بالفعل على مستوى أسواق الأسهم مع تراجع السوق القطري بنسبة تزيد على 8% يوم أمس، وتوقع أن يكمل السوق التراجع في الأيام المقبلة ما لم يتم التوصل إلى حل ينهي قطع العلاقات مع قطر.ولفت إلى أوجه أخرى للتأثير على مستوى العلاقات التجارية وشراكات الأعمال العديدة، والمتشعبة بين قطر ودول المنطقة، ما سيرفع الفاتورة التي سيتكبدها اقتصاد قطر في المرحلة القادمة.من جهته، قال صلاح شما رئيس الاستثمار لدى شركة الاستثمار العالمية «فرانكلين تمبلتون» في أسواق الأسهم بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن هناك 3 جوانب رئيسية سيتأثر على مستواها اقتصاد قطر جراء قطع دول المنطقة علاقاتها معها، وأهمها التجارة، فقطر تستورد 90% من احتياجاتها، منها 30 إلى 40% من الإمارات والسعودية، وبالتالي ستواجه نقصاً حاداً في السلع ما سيؤدي إلى ارتفاع مستويات التضخم.وأكد أن قطر سوف تتأثر سلباً كذلك جراء تراجع حركة السياحة والسفر من الدول التي تربطها بها علاقات قوية، منوها بأن وجه التأثير الثالث يتمثل في اعتماد البنوك القطرية بشكل أساسي على الودائع الخارجية خاصة الخليجية، التي سيؤدي خروجها إلى التضييق بصورة أكبر على السيولة والاقتصاد القطري.وتابع: «نحن كمستثمرين نرى أبعاد اقتصادية مهمة ما سيخلق نوعاً من الحذر في الاستثمار، ويمكن أن يكون هناك خروج بدافع الحيطة من السوق القطري لرؤية ما ستسفر عنه الأوضاع».صندوق النقد يراقبأعلن صندوق النقد الدولي أنه يراقب حالة الاقتصاد القطري في ظل تداعيات قرار المقاطعة.قال عاصم حسين، نائب مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد في تصريحات خاصة إن التأثير الاقتصادي لقطع العلاقات مع قطر يعتمد على حجم وعمق الانعكاسات السلبية على حركة التجارة والتدفقات التمويلية في المرحلة القادمة واستدامتها، إضافة إلى مستوى التأثير في الثقة.لكنه قال إن الوقت مازال مبكراً لتقدير حجم هذه التأثيرات ومدى حدتها.
مشاركة :