إضاءات / حديث الوطن... - ثقافة

  • 6/8/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الوطن جزء لا يتجزأ من كيان الفرد، وهو الملاذ الذي لا يمكن أن يستغني عنه المجتمع مهما كانت درجة ثرائه ووجاهته، كما لا يمكن على وجه الإطلاق، أن تحل أي أيديولوجية محل الوطن سواء كانت تلك الأيديولوجية عشائرية أو حزبية أو غير ذلك.كما لم نسمع في تاريخ الأمم التي سبقتنا أن حضارة ما قامت على أساس عشائري مثلا وتمكنت من أن تصمد في وجه أعاصير الحياة، فكل الحضارات التي تناقلتها كتب التاريخ لنا تكوّنت على أرض تحمل في ألوانها مقومات الوطن.فلا يمكن مثلا اعتبار أن الكيان الصهيوني المبني على أسس عنصرية وأساطير دينية، انه يعكس المجتمع الذي يجمعه فكر متشابه ولم يقم على أساس وطني، لأن هذا الكيان رغم ما يراه البعض من استقرار مفتعل، إلا أنه مهدد في مفاصله، لأنه لم يسمح للتعدد أن يسري فيه، ومن ثم اتخذ من أفكاره الأحادية دعائم لقيام دولة على أرض محتلة.فالوطن هو شكل ومضمون ومعنى وحقيقة لاستمرار المجتمع في حياته، بفضل ما يحمله من تعدد واختلاف وتنوع، وهذا-في اعتقادي- ما تتمسك به الدول الغربية في أفكارها المعاصرة، ومحاولتها لاستيعاب كافة الأفكار والتوجهات ومحاولة احتواء كل من تستضيفه أرضها من بشر، رغم ما تعانيه من ألوان الإرهاب المختلفة.مع أن ذلك لم يكن في حقيقته إلا استعراض لإنسانية مزيفة، لا تظهر حينما يتعلق الأمر بلعبة المصالح.وهي اللعبة التي تجعلها تتغاضى عن أمور تتعلق بحقوق الإنسان، في مقابل جني المصالح، والمكاسب.ولكن الذي يبقى أن فكرة الوطن الذي تتوحد أطيافه على مفهوم الاستقرار والرفاهية والأمان، هي المحرك الرئيسي لحكومات هذه الدول، لذا فإن هناك ثوابت لا يمكن أن يتخطاها الساسة، وحتى الرؤساء المنتخبين، وهي ثوابت ترى فيها الدول قوتها.وقد يظهر هذا الأمر جليا في تولي ترامب مقاليد الحكم في أميركا، فرغم ما نراه من جنون في تصرفاته، إلا أنه ظل محافظا على ثوابت الإدارة الأميركية، ولم تجنح تصرفاته الطائشة حتى الآن إلى تقويض ما بناه أسلافه عبر تواريخ زمنية متفاوتة.فالوطن هو الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يتمكن الفرد في المجتمع أن يكون إنسانا له كافة الحقوق، التي تحقق له إنسانيته.وكلما أعطى المجتمع من جهده للوطن، سيعود ذلك عليه بالفائدة التي تضمن له استقراره وتحقق أحلامه.لذا بات من الضروري أن نحب وطننا ونبذل في سبيل رقيه كل ما لدينا من إمكانيات... وأن نحافظ على مكتسباته، وأمنياته، لأنها في حقيقة الأمر هي مكتسباتنا وأمانينا.نعم... حديثي عن الوطن لن يتوقف أبدا، لأنه حديث الحياة، وحديث الوجود والتميز في حياة مزدحمة بالصراعات.وهو الحديث الذي أريده سائدا على كل ما تحتويه كلماتنا وما تتضمنه أفعالنا وأعمالنا.كي يظل الوطن كبيرا وعظيما في نفوسنا ونفوس الآخرين.* كاتب وأكاديمي في جامعة الكويتalsowaifan@yahoo.com

مشاركة :