هل يحل «الصلح الواقي» محل «الإعسار»؟ - اقتصاد

  • 6/10/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بينما لا تزال مسوّدات مشاريع قوانين الإعسار التي تتضمن «إعادة الهيكلة الطوعية للمديونيات» و«إعادة تأهيل وتصفية المنشآت التجارية» و«ضمانات الأموال المنقولة» المقدمة من البنك الدولي محل مراجعة نهائية من وزارة التجارة والصناعة، تدفع بعض الجهات بانه لا يمكن ترجمة هذه المشاريع بصيغتها المقترحةإلى قوانين محلية، وأنها تحتاج إلى تنقيح واسع وإلا سيكون التطبيق محملاً بنواقص قانونية.وفي هذا الخصوص، أفادت مصادر مطلعة لـ «الراي» أن هناك شبه توافق حتى الآن على أن مسودات القوانين المقترحة حالياً لا تزال حتى بعد التنقيح الأخير أشبه بجسم غريب يُعمل على زرعه في النظام القانوني المحلي، إلى الدرجة التي شجعت بعض أعضاء الفريق التوجيهي المعني بإعداد هذه المشاريع، على اقتراح الاستغناء عن فكرة تطبيق قوانين جديدة للإعسار، أو حتى عدم الاعتماد عليها بشكل موسّع، على أن يقابل ذلك تحديث التشريعات القانونية الكويتية ذات الصلة، مع تطعيمها ببعض البنود التي جاءت في مسودات مشاريع قوانين البنك الدولي.ويتشكل الفريق التوجيهي لإعداد مشاريع قوانين الإعسار من ممثلين تابعين إلى وزارتي المالية والعدل، ووزارة التجارة والصناعة، وبنك الكويت المركزي، والهيئة العامة للاستثمار، وإدارة الفتوى والتشريع.لكن من الواضح أن مقترح الاستغناء عن مسودات مشاريع البنك الدولي لا يحظى بالدعم الكامل حتى الآن من جميع الجهات المعنية، لكن ما يذكي هذا النقاش، أنه يمكن الاستغناء عن هذه المشاريع أو عن بعضها، لصالح إجراء الصلح الواقي المقرر في قانون الشركات، والذي يمكن تحديثه بما يستقيم مع مقابلة التطورات الاقتصادية الأخيرة قانونيا.ويوضح أصحاب هذا الرأي، أنه هناك تداخلات في مشاريع قانون إعادة الهيكلة الطوعية للمديونيات، حيث من غير الواضح ما إذا كانت تستهدف هيكلة المديونات المدنية أم التجارية، فمصفوفة هذا المشروع مستطرقة إلى الديون المدنية والتجارية دون تمييز، رغم أن الأصل أن تتطرق إلى الديون المدنية فقط، باعتبار أنه يوجد في القانون ما يتعلق بالصلح الواقي بين الشركات.وشكل وزير التجارة والصناعة، خالد الروضان، 3 فرق عمل ومجموعات بالتنسيق مع الوزارة وإدارة الفتوى والتشريع، بهدف وضع صيغة توافقية نهائية تعالج ملاحظات جميع الجهات المعنية قبل رفع هذه المشاريع إلى مجلس الوزراء.وعلى صعيد متصل طلبت «الفتوى» من هيئة أسواق المال وذلك للمرة الأولى إبداء رأيها في مشاريع قوانين الإعسار، علما بانه في السابق كان النقاش معها في هذا الخصوص يقتصر على أخذ رأيها خلال الاجتماعات التي كان يعقدها البنك الدولي مع الجهات المعنية.ويفترض من فريق البنك الدولي الذي يضم خبراء دوليين في مجال إعادة تأهيل الشركات، وحل مشاكل التعثر، وتغطية الديون، والمعاملات المضمونة، ورفع التقارير المالية وتعزيز النظام القضائي والعمل مع الفريق التوجيهي لتعزيز الجوانب الأساسية لقانون الإعسار وأنظمة الدائن/‏‏ المدين في البلاد، بما يسهم في تحقيق رؤية الكويت الهادفة إلى جعل البلد مركزاً تجارياً ومالياً.وحول أهم نقاط الخلاف البارزة على مسودات مشاريع قوانين الإعسار، وتقرير البنك الدولي، أفادت المصادر أن أبرزها إشكالية اعتمادها على المعايير الدولية المطبقة في بعض الدول الكبرى، دون أن تراعي الفوارق بين هذه الدول وبين البيئة القانونية الكويتية والتي تتمتع بخصوصية.علاوة على ما يتعلق بتحديد إطار عمل جديد للموافقة المسرعة من قبل المحاكم على خطط إجراءات إيجاد الحلول للديون متعثرة السداد، ورأي البنك بخصوص أنه لا يوجد قاض متخصص للإعسار، بل يوجد قاض متداخل المهام، بعكس الوضع في بريطانيا وغيرها من دول العالم، إضافة إلى أن وجهة نظره حول صعوبة إنشاء محاكم متخصصة تكون معنية فقط بمتابعة الخلافات التجارية المرتبط بالإعسار من الناحية اللوجستية.كما أن البنك يرى أن النظام القضائي المحلي مرتبط بقوانين أخرى مثل قانون المرافعات والقانون المدني، وهذا فارق إضافي يجعل من الصعب تطبيق النموذج الغربي القائم على الفصل، وجميعها اعتبارات تستدعي إعادة النظر في مشاريع القوانين الثلاثة على أن يراعى في وضعها الانسجام مع القالب الكويتي.وهذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها اعتراضات على مسوّدات مشاريع قوانين «إعادة الهيكلة الطوعية لمديونيات» و«إعادة تأهيل وتصفية المنشآت التجارية» و«ضمانات الأموال المنقولة» المقدمة من البنك الدولي، حيث كانت هناك مطالبات سابقة عند تقديم النسخة الأولى من هذه المشاريع، بالعمل على إعادة قولبة المسودات بما يتفق مع الطابع الكويتي، والملاحظات المقدمة.ووقتها قام البنك بالاستعانة بمكتب محاماة محلي للمساعدة في أعمال الترجمة والمطابقة القانونية، لكن الحديث في هذا الخصوص تجدد أخيراً بعد أن قدّم «الدولي» تقريره بخصوص المشاريع الثلاثة، والذي رأى خلاله بعض الأعضاء في اللجنة المعنية أن البنك لم يتخل بعد عن بعض التوصيفات غير المناسبة في توصيف الواقع القانوني المحلي.وبينما أكدت المصادر نية الحكومة الصادقة في إخراج قوانين الإعسار، أوضحت أنه لكي يتحقق الهدف منها يتعين ألا تتضمن بنوداً تصادمية مع القانون المحلي، لافتة إلى أنه في حال إخراج مشاريع قوانين الإعسار بصيغتها المقترحة ستتضمن العديد من النواقص التي ستضعف الهدف من إقرارها، وستظهر بشكل واضح عند التطبيق.وشدّدت المصادر على ضرورة أن تعاد قراءة مسودات مشاريع قوانين الإعسار أكثر من مرة، وإعادة قولبة المسودات المقترحة بما يتفق مع القالب القانوني الكويتي، مع ضرورة عدم الانبهار بالمعايير الدولية التي قد لا تناسب البيئة التشريعية المحلية، مؤكدة على أنه سيترتب على تجاهل عدم التجانس الكامل خلافات قانونية جذرية ستطرأ مستقبلاً.

مشاركة :