عمان - في مقهى معبق بالدخان وسط العاصمة الأردنية عمان يستمع الجالسون لرجل يرتدي ملابس تقليدية لحكواتي واضعا طربوشا على رأسه وهو يروي قصصا شعبية قديمة. هذا الرجل يدعى طاهر بكير وهو مهندس زراعي فلسطيني، من نابلس، لكنه في أوقات فراغه يعمل راوي قصص (حكواتي) يروي القصص في المقاهي بأنحاء الأراضي الفلسطينية والمنطقة. وفي أنحاء الشرق الأوسط يتم تداول قصص ملحمية عبر الزمن من جيل من الحكواتية لآخر منذ مئات السنين، وتضاف لها حبكات أثناء نقلها من جيل للذي يليه. وقبل ظهور التلفزيون والتكنولوجيا الحديثة كان الحكواتي يجوب المدن من مدينة لأخرى لتسلية السكان المحليين في المقاهي بسرد حكايات مغامرات بطولية. وسافر بكير إلى الأردن وسويسرا وفرنسا لتبادل روايات ساحرة من التاريخ والثقافة. ويقول بكير إن الحكواتي جزء حيوي في التراث الفلسطيني والعربي. وأضاف الحكواتي طاهر بكير "إذا إحنا أهملنا ماضينا ما لنا حاضر ولا لنا مستقبل. والناس بطبيعتهم بيحنوا للحاضنة الأولى، والحكاية حاضنة أولى. ما كان فيه تلفزيون ولا كان فيه راديو ولا كان فيه إذاعة، كان فيه حكواتي. في مدينة نابلس الحكواتي كان جزء من تراث هذه المدينة، وكان الحكواتي يحكي الحكاية في المقاهي وفي الحمامات الشامية. لذلك إحنا بنستمر في الحكاية نهج وطني مقاوم". ومن بين أكثر حكايات طاهر شعبية تلك الخاصة بفاطمة والدة الحاكم المملوكي الشهير الظاهر بيبرس رابع سلاطين دولة المماليك في مصر. وقالت امرأة من جمهور الحكواتي تدعى سيرين حليلة إن هذا التقليد القديم الخاص بسرد قصص الرموز التاريخية يحمي التراث الفلسطيني ويحافظ عليه من الضياع. وأضافت لتلفزيون رويترز "الحكواتي هو ذاكرة الشعب، ذاكرة الناس، وهو اللي بيضمن إنه دائماً صوت الناس هو اللي بيتسجل في التاريخ وهذه هي أصل الحكايات. وكمان بشي زي سيرة الظاهر بيبرس، هو شخصية تاريخية، صارت شخصية أسطورية، والناس والحكواتية حملوها قصصهم وحملوهم قيمهم وأفكارهم ومشاعرهم، فكثير مهم إنه يرجع الحكواتي للبلد لأنه معناته بيرجع للناس صوتهم وبيستمر وبينكتب في التاريخ". وفيما مضى كانت الرواية الشفهية للقصص (الحكواتي) شائعة لا سيما في مصر وشمال أفريقيا حتى بداية القرن العشرين. وقال بكير إن عرضه القادم سيكون في مهرجان قرطاج الدولي في تونس في شهر يوليو/تموز المقبل حيث يواصل نشر حكاياته في ربوع المعمورة.
مشاركة :