محمد نجيم (الرباط) وأنت تقف أمام لوحة أو منحوتة من أعمال الفنان المغربي محمد السالمي، تجد نفسك أمام فنان يستلهم التراث المغربي بجرعة فنية زائدة . فنان يستحضر الأمكنة والرموز والعادات وما تملكه من قوة وسحر مؤثر في الوعي الجمعي المغربي . السالمي يمنحنا بأعماله التشكيلية ومنحوتاته لحظات من الجمال وشحنات قوية من الرموز التي تسكن عمق اللوحة وتستظل بظلالها، بحركاتها وسكونها وانزياحتها ومعانيها المُعبرة والتي تستحضر اليومي والمكان المغربي وذاكرته ورموزه، ومحملة بكثافة الضوء الذي تعرف المناطق الجنوبية من المغرب. يهتم التشكيلي المغربي السالمي اهتماما شديدا بالرحل والتراث الثقافي والإنسان المغربي في بيئته الأولى وبساطته وعفويته، كما يهتم بالمعمار المحلي العريق في مناطق كثيرة من المغرب، وهو شغوف إلى حد ما بالعمارة القديمة كالقصبات وقصور الأجداد، وكأن هذا الفنان يحاول أن يُوثق لحالات وأمكنة وعادات وقِيم وسلوكيات متوارثة قد تنقرض ذات يوم إن لم نهتم بصيانتها وحفظها من التلف والزوال. يقول الفنان محمد السالمي "أحاول وضع نمط وأسلوب فنّي خاص يتسم بعُمقٍ في الرؤية، للبحث عن هوية تمتاز بالأصالة ومتشبعة بالقيم الإنسانية النبيلة" فهو، كما يقول "يوظف" سحنات لونية زاهية صافية غنية منبعثة من ضياء البيئة الصحراوية، إنها صياغة تشكيلية مبنية على توافقات وتضادات لونية ترتكز قوتها بناء على الضربات العريضة واللمسات الحركية والمعقلنة. وأعماله تؤرخ لقيم الحياة وللذاكرة الجماعية في تجلياتها وفي أحلامها. وهي تنقل ملامح وحالات إنسانية بسيطة تعكس معالم النبل والطيبة والبساطة والأمان والكرم العربي، لتبعث الدفء والأُلفة والحنين في الكائنات والأشياء والأشخاص الحاملين لقيم إنسانية حقيقية، يضيف قائلاً "ضرورة التجديد هدف يحفزني لارتياد فضاءات رحبة بمواضيع وأساليب وخامات ومواد تشكيلية مختلفة. الإبداع ثمرة مجهود روحي وذاتي معاً. النحت فن تجسيدي يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد (الطول العرض العمق) على العكس من الرسم والتصوير الذي يتعامل مع ثنائية الأبعاد. وبذلك ومن خلال النحت أستطيع توصيل رسالة أو فكرة أو حتى توثيق حدث معين، كما هو الشأن في منحوتة "الصرخة" التي تُجسد صرخة المواطن البسيط، صرخة ضد التهميش، هي نوع من الاحتجاج لفك الضغط عن كل ما هو مكبوت.
مشاركة :