هل ينجح رهان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صهره ومستشاره المقرب “جاريد كوشنر” في إحداث إختراق يكسر الجمود الذي يلف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟. داعي التساؤل ولاشك هو ما أعلن عنه في واشنطن من أن كوشنر سوف يصطحب “جيسون غرينبلات” المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط الأيام القليلة القادمة في زيارة إلي تل أبيب ورام الله، هدفها الاستماع إلي مواقف نتانياهو وعباس حول القضايا الخلافية الرئيسية، ومحاولة بلورة سياق أو إطار استراتيجي عامي يسمح باستئناف المفاوضات وصولا لتحقيق حلم ترامب الأكبر… سلام الشرق الأوسط.بقلم ـ إميل أمين يبقي الصهر في مقدمة الفعلة الحقيقيين في إدارة ترامب، فهو الذي يوسوس في أذن الملك، ولهذا يراه البعض أخطر من الملك ،والسؤال علي ماذا يراهن ترامب… هل علي خبرة كوشنر السياسية أم علي ديانته اليهودية؟ المؤكد أن خبرة الصهر في المجال السياسي لا تختلف كثيرا عن خبرة الرئيس، فكلاهما آت من بعيد، من عالم المال والأرقام الجافة، إلي مجالات المفاوضات السياسية، وأن كان الصهر قد دعم بنجاح حملة ترامب الرئيسية الانتخابية، بل كان له كبير الأثر في اختيار مايك بنس”، كنائب للرئيس، والصهير كذلك كان جسر التواصل بين ترامب واللوبي اليهودي الأمريكي من خلال الخطاب الذي كتبه وألقاه ترامب أمام مؤتمر “الإيباك” العام الماضي”. هل الصهر هو الرجل المناسب؟ في أواخر مايو أيار الماضي كانت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تميط اللثام عن علاقة كوشنر والروس خلال حملة ترامب الانتخابية ولا تزال التحقيقات دائرة وعليه فقد بات السؤال المطروح داخليا هل سيتخلي ترامب عن صهره لحماية نفسه وإدارته؟ عبر النيويورك تايمز أكد الرئيس الامريكي علي أن الصهر يقوم بعمل ممتاز لبلاده ويتميز عمله بالاحترافية العالية وأنه يثق فيه ثقة عمياء… هل هذا يكفي ليكون الصهر رجل سلام الشرق الأوسط؟ المسألة معقدة، والعقبات في طريق الصهر عديدة، وأن كانت نوايا ترامب الوصول السلام صادقة إلا أنه في الوقت عينه لا يرغب وربما لا يقدر علي فرض صفقة سلام ما علي الطرفين. في الأسبوعين الماضيين كثفت إدارة ترامب وعبر المبعوث الخاص لعملية السلام “جيسون غربينلات” التحركات في الداخل الأمريكي، إذ ألتقي الرجل عدد من رجالات الكونجرس، وممثلين عن منظمات يهودية، بعضها ذات توجه يميني رافض للتخلي عن الأرض والمستوطنات، ومؤمن بما يسمي الحق الإلهي أو التاريخي لإسرائيل. المثير في لقاءات غرينبلات “حديثه عن طموحات ترامب في ترتيب صفقة إقليمية في الشرق الأوسط، تتجاوز في واقع الحال ترتيب أوضاع الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي صفقة يكثر الحديث عنها، في حين تظل ملامحها أو معالمها غير واضحة. طريق “غرينبلات” لم ولن يكون ممهدا قبل السفر مع الصهر إلي تل أبيب، سيما وأن المشرعين الجمهوريين الداعمين ترامب، لن يسارعوا لزخم عملية السلام فهم تاريخيا يقفون إلي جانب إسرائيل، وجلهم من التيارات اليمينية سواء المتشددة أو يمين الوسط. وعلي الجانب الآخر فإن حال ومآل المشرعين الديمقراطيين لا يختلف كثيرا، وذلك أنهم وأن كانوا تاريخيا يرحبون السلام، إلا أنهم لن يقدموا علي أي خطوة في الطريق من شأنها إثارة مخاوف المعارضة البارزة التي يبديها منتخبوهم تجاه ترامب في الحال والاستقبال. هنا ربما يظهر دور الصهر، اليهودي المتدين في غير تزمت ولا تعصب، والذي كان شرطه الأول لشراء منزل في واشنطن أن يجد “كنيسا” لأداء صلوات السبت هو وزوجته “إيفانكا” أو ” ياعيل” حسب اسمها اليهودي . يمكن للصهر أن يكون جسرا وقنطرة مع المنظمات اليهودية الأمريكية المتماهية مع التيارات السياسية اليمينية الأمريكية الداعم التقليدي لإسرائيل، وساعتها لن يزايد أحد عليه من جهة، ولن يشك في نواياه أو نوايا من أرسله، والذي وعد بأن لا يفرض اتفاقا علي كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. يمضي الصهر وغرينبلات في طريق الشرق الأوسط، فيما يذهب البيت الأبيض في مواجهة غيوم سوداء تتجمع فوق سماوات الكونجرس، وأمطارها لها أن تطفي شعلة العملية السلمية من خلال مشروع قانون العضو الجمهوري “ليندسي غراهام” الذي يطالب بتجميد الدعم المالي الأمريكي للسلطة الفلسطينية بشكل كلي، والذريعة هنا أن السلطة لا تكف عن دفع مخصصات للأسري المدانين بارتكاب عمليات إرهابية ومازالوا مسجونين في إسرائيل وكذلك تجميد الدفع لعائلاتهم. وللموضوعية فإن ادارة ترامب تعمل جاهدة علي تفكيك هذا المشروع، غير أنها تلاقي صعوبات جمة، سيما وأن المشروع يجد زخما كبيرا في الكونجرس حتي في أوساط المشرعين الديمقراطيين، وغني عن القول أن إقرار مثل هذا قانون كفيل بإثارة الشكوك الجدية حول النوايا الأمريكية تجاه سلام الشرق الأوسط. تبدو إدارة ترامب في مأزق في الداخل سيما بعد أن علق الرئيس نقل السفارة الأمريكية إلي القدس، رغم كل التصريحات التي أطلقها من قبل، ومرد التعليق عنده هو تعزيز فرصة إجراء مفاوضات ناجحة للتوصل إلي أتفاق سلام، وعليه سيكون من الصعب معارضة مشروع القانون أو التحفظ منه. ما الذي يمكن للصهر أن يفعله وقد استبقه نتانياهو باعلانه عن حفر اساسات اول مستوطنة جديدة في الضفة الغربية منذ عشرين عاما ، وفي الشرق الأوسط الملتهبة حدوده والمتشابكة حظوظه في متاهة سيزيفية ؟ الجواب ليس باليسير، والجميع ينظر إلي الصهر فهل يكون الرهان علي الحصان؟
مشاركة :