ماركيز أسوأ روائي في العالم بقلم: وارد بدر السالم

  • 6/29/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

هناك موقع عراقي “يُعنى بالرواية وشؤونها”، ويتخذ من الفيسبوك أرضية له بعد استحواذه على عدد غير قليل من القرّاء العراقيين والعرب، يجري ما يشبه عملية استفتاء بين جمهوره تحت سؤال: ما هي أسوأ رواية قرأتها؟العرب وارد بدر السالم [نُشر في 2017/06/29، العدد: 10676، ص(14)] نلفت الأنظار دائما إلى خطورة مواقع التواصل الاجتماعي حين يكون استخدامها لغرض التشويه والسخرية من القامات الثقافية العالية، أو بطريقة تضليلها القارئ الباحث عن مرتكزات ثقافية وأدبية تعينه على التواصل والمعرفة، ونشير كلما وجدنا الفرصة إلى أن الكثير من المواقع التي تتخذ من تويتر والفيسبوك والانستغرام منطلقا لها في تنفيذ عمليات تشويه للنتاج الإبداعي الإنساني بشكل عام، منطلقة من قصدية في إرباك القارئ العادي بوصفه خميرة قراءة مستقبلية، لتضع أمامه الكثير من العقبات والتشوهات لأبرز الرموز الأدبية والثقافية والقامات السردية في العالم حينما تستدعي وتستكتب مجموعة جهَلة لأغراض تشويه معالم أدبية وثقافية وأسماء رصينة. هناك موقع عراقي “يُعنى بالرواية وشؤونها”، ويتخذ من الفيسبوك أرضية له بعد استحواذه على عدد غير قليل من القرّاء العراقيين والعرب، يجري ما يشبه عملية استفتاء بين جمهوره تحت سؤال: ما هي أسوأ رواية قرأتها؟ ستكون الإجابات بطبيعة الحال غير نقدية وبلا معيارية فنية، يغلب عليها جهل القراءة فتكشف عن مستويات قرائية بدائية لا صلة لها بالتقويم أو الجمالية المفترضة أو النقد الذي يُخضع العمل الأدبي الى معياريته المتعارف عليها في التقويم، وليس عجيباً في مثل هذه المواقع أن يكون ماركيز هو أسوأ روائي في العالم وأن معجزته السردية “مائة عام من العزلة” رواية “سطحية” و”مملة” بحسب الاستفتاء ومثلها “خريف البطريرك” و”الحب في زمن الكوليرا”. لا يقف الأمر عند هذا بل تتبعها “في السوء” روايات عظيمة ملأت الذاكرة الإنسانية بالوصف الجمالي والنفسي والفني لأسماء ومدارس سردية لا يمكن لأي قارئ ومتتبع ودارس أن يغفل تأثيرها الفكري والجمالي على مدار التاريخ السردي العالمي كـ “الجريمة والعقاب” و”الساعة الخامسة والعشرون” و”قواعد العشق الأربعون” و”دفتر مايا” و”الغريب” و”المسخ” و”الشيخ والبحر” و”زوربا” و”الخيميائي” و”العطر” و”1984” و”مدام بوفاري” وروايات خوان رولفوو “أولاد حارتنا” و“الخبز الحافي” و”موسم الهجرة إلى الشمال” وغيرها من السرديات التي بقيت في الذاكرة الجمالية والإنسانية، لتأتي مجموعة من الأميين وتصنفها على أنها مملة وسطحية، بل وصل التطاول على بعضها بالقول إنها “سخيفة” تحت رعاية هذا الموقع الذي يُعنى بالرواية. مثل هذه المواقع التي تعمل على تجهيل القارئ وتسطيح ذائقته وتسخر من الرموز الأدبية يقف وراءها إما جهلة غير عارفين بما يقدِمون عليه، وهذا مستبعد كثيرا، وإما مجموعة هامشية تخريبية تتسلى بطريقتها الفجّة، وهذا احتمال من الاحتمالات، وإما مجموعة مكرسة في محاولات يائسة لتهديم البناء الإنساني الجمالي على مر العقود وتشويه ذائقة شباب القراءة لينصرفوا إلى غيرها من الكتابات التي نعرف من يقف وراءها، ونحن نميل إلى الطيف الثالث الذي أخذ ينتشر ويسيء إلى الإبداع ويقدم نصائح مجانية باستفتاءات مشبوهة من دون مسوغات فنية تناقش وتجادل وتتبع الأثر الإبداعي بصدقية حضارية عالية، لتميط القناع عن هامشية في التفكير وعدوانية غير مبررة على النتاج الإبداعي الإنساني الفني. يثبت هذا الموقع “الروائي” أنه لا يريد أن يفهم الطريقة المتحضرة في الجدل وإثارة الأسئلة والوصول إلى الآخرين بطريقة سوية، وواضح في كل مرة أن هناك صغارا بمعنى الكلمة يؤججون صراعات خفية ويقيمون مراسم التشويه بينهم وخداع القارئ بمفردات ضحلة ونصائح فورية ساذجة، لا ترقى إلى مستوى الجدل، بل محاولة منهم لتكوين رأي مضاد للمشهد الأدبي العالمي والعربي ومن ثم العراقي الذي يحاولون طمس أثره الناهض، لاسيما في الرواية التي تسيدت الأجناس الأدبية في السنوات الأخيرة، وهذا أمر يلفت أنظارنا في كل مرة نريد أن نعالج مثل هذه التجاوزات المقصودة. كاتب عراقيوارد بدر السالم

مشاركة :