أحبائي في الله، نحن اليوم ودعنا أفضل شهور العام، شهر الخير والبركات، شهر رمضان المبارك، شهر القرآن وشهر الأعمال الصالحة، فجميعنا يرى ويشاهد المساجد، ما شاء الله، بجميع الفروض والأوقات مملوءة بالمصلين، بل نجد معظمنا بعد الصلوات يؤدون النوافل والسنن، فضلاً عن تلاوة المصحف، في منظر بهيج يحبه الله ورسوله صَلى الله عليه وسلم. ولكن للأسف الشديد معظمنا أيضاً يودع الشهر الكريم، ويودع معه كل هذه الخيرات والبركات، من صوم وصلاة بالمساجد، وتلاوة كتاب الله وكأن رب رمضان ليس رب باقي الشهور من السنة، فنصيحتي لنفسي ولكم أحبائي في الله، ألا تودعوه بل اسحبوه إلى باقي عامكم؛ لأن الحكمة من شهر "رمضان" أن نقوم فيه بعمل الخيرات والصلاة بالمساجد، وتلاوة كتاب الله، والاستقامة على ذلك، ليس فقط شهراً واحداً بالسنة، ولكنه شرعه الخالق لنا" كي يكون أسلوب حياة وتدريب للنفس، ويكون بداية لتغيير نمط حياتنا طوال العام، يكون بمثابة الوقود والحافز للاستقامة باقي شهور السنة. فعليكم إخواني وأخواتي في الله، ألا تودعوه بل افسحوا له المجال، ليحيا معكم، وتحيوا به طوال العام، فكما فعلتم الخيرات، ونِلتم البركات في هذا الشهر الكريم المبارك، تواصلوا مع خالقكم باقي الشهور، فالصيام لا ينتهي بعد رمضان، كما تعلمون، عليك باتباعه بست من شوال، فمن صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر، كما في حديث مسلم، يعني صيام سنة كاملة، فلا يفوتك هذا الخير العظيم بعمل بسيط ستة أيام فقط تعادل سنة كاملة، بفضل الله علينا، وعندكم الإثنين والخميس من كل أسبوع وثلاثة أيام من كل شهر هجري، بما تسمى الأيام البيض 13 و14 و16 أيضاً كأنك صُمت الدهر كله، سنة عن حبيبنا المصطفى صَلى الله عليه وسلم، وعندكم يوم عرفة لغير الحاج سُنة مؤكدة تكفّر سنتين، الماضية والقابلة، وعندكم أيضاً يوم عاشوراء، وهو العاشر من محرم ويوم قبله أو يوم بعده لمخالفة اليهود، فهو يكفر السنة التي قبله هذا بالنسبة للصيام، كما كنا نفعل بالشهر الكريم. أما عن تلاوة القرآن، فعلينا بورد يومي ولو بسيط، فخير الأعمال عند الله أدومها وإن قلّ، فالمداومة على الخيرات هي المطلوبة، فلا تتركوا كتاب الله أحبائي؛ لأن كل حرف بعشر حسنات، كما تعلمون، أما عن قيامنا بهذا الشهر وصلاة التراويح، فيوجد مثلها ومستحبة بل مشروعة طوال العالم، وخير هذه الصلوات قيام الليل، ركعتان بجوف الليل والنَّاس نيام، وأنت تنفرد بلقاء ربك وتناجيه فيستجيب لك، وتشكوه بهمومك ومشاكلك، فتحل برحمته وأذنه، وتطلب منه المغفرة عن ذنوبك التي اقترفتها بيومك فيغفرها لك بفضله ورحمته، فهو الغفور الرحيم جل في علاه، فجميع شهور السنة بها الخيرات والأعمال الصالحة، لا تنقطع أبداً. فأتمنى من الله -عز وجل- أن يهدينا جميعاً للاستقامة على هذه الأعمال، التي تجعل حياتنا سعيدة برضا خالقنا؛ ليرضى عنا، بل تجعل حياتنا في منتهى السعادة؛ لأنك عندما تكون مع الله تكون الدنيا كلها ملكَ يديك، فعليك أخي الحبيب، أختي الحبيبة، وأنا قبلكم، أن نستمر كما كنا بشهر رمضان الكريم، من فعل الخيرات صيام وقيام وتلاوة قرآن، باقي شهور العام، ولا تحرم نفسك من هذا الخير الكبير. "اعبُد ربك حتى يأتِيك اليقين" وكن ربانياً ولا تكن رمضانياً. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :