انتهت الاختبارات وانتهى وقت التقديم على الجامعات والتخصصات، وبدأنا نرى ونسمع عن الكثير من الآباء الذين يظنون أنهم الأقدر على رسم المستقبل، معتبرين أن الأبناء لا يعرفون مصلحتهم وليسُوا قادرين بعد على اصدار قرارات سليمة تؤثّر على مجرى حياتهم القادمة، وتبدأ الحوارات التقليدية: «عندما تكبر أريدك أن تصبح (طبيباً)، والناس تناديني أبو الدكتور فلان»، وبما أن الطفل لا يفهم معنى المرض أو الموت فسيكون ردُّه نموذحياً حين نسأله: ماذا تحب أن تصبح حينما تكبر!؟ «ودِّي أصير دكتور وأضرب الناس (إبرة)»!!. ليس لأن (الطبيب) الذي نريد لابننا أن يكونه هو بهدف مساعدة الناس وعلاج آلامهم وتجنيبهم الموت قدر المستطاع أو انقاذهم منه!. بل لأن النمط التحكّمي أو السّلطوي الزائد عن الحدّ والذي نربي عليه أبناءنا، يجعلهم ببساطة يكبرون وفي داخلهم نزعة واضحة لتقليد والديهم ليسيطروا على الآخرين ويخضعوهم لسلطتهم فقط. ولهذا أظنّ أن معظم الأطباء الفاشلين كانوا بسبب آباء أرادوا لهم مهنة لم يكن ليرغبوا بها!. فكثيراً ما نتحدَّث عن المستقبل وما نريد للمستقبل أن يكون عليه، وما نريد لأولادنا أن يكونوا فيه.. ولكن من منا يا ترى يضمن أن يعيش إلى اللحظة القادمة؟!!. كنا أطفالاً والبعض منا عانى من سلطة تحكمية كهذه، لهذا فعندما أصبح لدينا أبناء فلابد طبعاً أن نقول لهم (لا) على معظم طلباتهم، ولابد أن نمارس حقّنا في العقاب وفي الحرمان من الخروج أو المصروف كنوع من إظهار القيادة. من أجمل الدروس التي يمكن أن يعلمنا إيَّاها الأطفال هو العيش في اللحظة والاستمتاع بها، فلندع أولادنا يستمتعون بما يحبون القيام به، نحن لسنا متأكّدين تماماً من أننا سنكون في حياتهم بشكلٍ دائم، علينا فقط أن نربّيهم على تحمّل المسؤولية ومنها مسؤولية اتخاذ القرار وحدهم، وأن نضع جانباً رغباتنا كآباء وطموحاتنا وحلولنا العجيبة أو حتى الصحيحة والرزينة، لأننا إن تركناها سنستطيع حينها الاستماع لرغباتهم. وإذا كان الأطفال هم رجال المستقبل، لماذا يحين موعد الذهاب إلى هذا المستقبل؟.. ولماذا نريد أن نصبح نحن أسياده بدلاً منهم!؟ . ماجستير تربية خاصة - مدرب معتمد
مشاركة :