يعتقد بعض الناس أن قيمة الإنسان هي بما يملكه من مال، أو بما ينتسب له من عائلة أو قبيلة، أو بالمنصب الذي وصل إليه. لكن القيمة الحقيقية للإنسان في ميزان الشرع والعقلاء هي بالأدوار والأعمال التي يقدمها في خدمة العالم والبشرية التي حوله. كم أحترم وأقدّر الأُمّ التي ترعى أبناءها وبناتها، وربما تنازلت عن بعض حاجاتها من أجل إسعاد أبنائها، وكذلك الأمر بالنسب للأب. وكم يكبُرُ في العين، ذلك العالم الذي يقضي الأوقات من عمره في تعليم الناس أمور دينهم وتفقيههم بها، من دون أن يبحث عن مقابل. وكم أشكر الداعية الذي يتنقل هنا وهناك من أجل نشر الخير في المجتمع، ويحرص على تنبيه الغافل، وتعليم الجاهل. وكم أفرح عندما أرى الشباب المتطوع من الجنسين وهم يتنقلون داخل البلاد وخارجها من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين والمنكوبين في العالم، حتى أصبحت سمعة الكويت تُذْكر بالخير على كل لسان، بفضل من الله تعالى أولا ثم بتلك الجهود التي يبذلها أبناء الوطن. ولعل أعظم مثال في هذا المجال هو الدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى، والذي جمع بين العمل الإغاثي الإنساني والعمل الدعوي، حتى أسلم على يديه مئات الآلاف من البشر. ومن الناس الذين يستحقّون التقدير والاحترام هو ذلك الذي ضحّى بحياته من أجل دينه ووطنه. فأعظم ما يملكه الإنسان هو الروح، وعندما يقدمها رخيصة في سبيل الله، فإن له التقدير والاحترام، ولذلك رفع الله تعالى منزلة الشهداء، وجعل لهم من المنح والعطايا ما لا يحوزها غيرهم. فيغفر للشهيد مع أول قطرة من دمه، ويشفّع في سبعين من أهله، ويؤمّن من عذاب القبر، ويعطى تاج الوقار... إلى غيرها من المنازل العالية. ومن أكبر من يستحقون الاحترام، ذلك الحاكم الذي يسهر على راحة شعبه، وييسّر لهم أمور معاشهم، ويسعى في نهضة بلده، ويرعى مصالح مواطنيه. ويتمثل قول عمر بن الخطاب «لو عثرت بغلة في العراق، لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لَمْ أُسوّي لها الطريق». ولذلك استحق الإمام العادل أن يكون أول السبعة الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم القيامة، وذلك لعظم تحمله للمسؤولية التي كانت ملقاة على عاتقه. تأمّلوا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن الأعمال التي يبقى أجرها للعبد حتى بعد موته حيث يقول: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم نافع، أو ولد صالح يدعو له». يُقال: «من عاش لنفسه... عاش صغيرا ومات صغيرا، ومن عاش لغيره... عاش كبيرا ومات كبيرا». من الأشخاص من يوزن بالذهب، وهناك من قيمته بين الناس صفر. Twitter:@abdulaziz2002
مشاركة :