الصحافيون المصريون يدخلون في متاهة مدونة أخلاقية مبهمة بقلم: أميرة فكري

  • 7/3/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

الصحافيون المصريون يدخلون في متاهة مدونة أخلاقية مبهمةيخشى الصحافيون المصريون من أن تكون معايير المدونة الأخلاقية التي دخلت حيز التنفيذ بداية لممارسة ضغوط وقيود إضافية عليهم، بحيث يتم التخلص من المعارضين بذريعة إثارة الرأي العام وإحداث البلبلة ومخالفة القيم المجتمعية.العرب أميرة فكري [نُشر في 2017/07/03، العدد: 10680، ص(18)]إلى أين تسير الصحافة القاهرة - أعرب الكثير من الإعلاميين المصريين عن غضبهم من بدء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، السبت، في تفعيل “مدونة الإعلام الأخلاقية”، وأكدوا أن هذه المدونة تعد ضربة جديدة لحرية الإعلام المقروء والمرئي والمسموع في مصر، وهو ما أعلنت عن رفضه نقابتا الصحافيين والإعلاميين لما يتضمنه من فقرات تقود إلى المزيد من التضييق على الحريات. وتلزم المدونة التي يطلق عليها “الكود الأخلاقي”، الإعلاميين عموما بعدم استخدام عبارات السب والقذف، أو المساس بالأعراض، عند تناولهم أو معالجتهم للقضايا الخلافية العربية أو السياسية والدولية، مما يتيح لكل إعلامي أو صحافي الدفاع عن كل قضايا بلاده بشتى الطرق ويساندها بكل السبل الممكنة لدعمها وتوضيح الحقائق ونفي الأكاذيب، دون الوقوع في تجاوزات. وتضمنت معايير المدونة أن يلتزم الصحافي والإعلامي بقيم المجتمع وأخلاقه وأعرافه، ويراعي في عمله الصحافي والتلفزيوني والإذاعي الأولويات الحقيقية للمجتمع والابتعاد عن الإثارة، مع التزامه بالقيم المجتمعية عند الحديث عن الأديان السماوية والتأكيد على القيم الروحية والأخلاقية التي ترسمها الأديان. غير أن ما أثار غضب الصحافيين والإعلاميين، في معايير هذه المدونة الأخلاقية أنه منح الجهات المسؤولة عن تنظيم الإعلام سلطة مطلقة في تقديم البلاغات للنيابة العامة ضد أي وسيلة إعلامية تخالف أو تخرق هذه المعايير، وبالتالي فإن المحاسبة ستكون أمام القضاء وليس بشكل أدبي أمام النقابة التي تتبعها المؤسسة، سواء نقابة الصحافيين أو الإعلاميين.حسين الزناتي: معايير المدونة الأخلاقية ستكون كالسيف على رقاب الصحافيين ويرى حسين الزناتي عضو مجلس نقابة الصحافيين، إن معايير المدونة الأخلاقية ستكون كالسيف على رقاب الصحافيين وتمثل ضربة قاصمة لكل من يخرج عن النص أو يكتب ويتكلم عكس اتجاهات الحكومة، وذهب إلى حد تشبيه ما يحدث بالعودة إلى محاكم التفتيش على ما ينشر في الصحف ويذاع في الفضائيات بذريعة الحفاظ على الأخلاقيات وترسيخ المهنية. وضاعف الغضب إرسال المجلس الأعلى للإعلام، برئاسة مكرم محمد أحمد، مخاطبات مباشرة إلى الصحف والمحطات التلفزيونية بمعايير المدونة الأخلاقية دون عقد مناقشات مسبقة مع النقابتين، إضافة إلى أن المخاطبات حملت لغة تهديد حادة بأنه لا تهاون في تطبيق الغرامات والعقوبات في حال عدم الالتزام. وأكد الزناتي لـ”العرب” أن هذه المعايير لم تعرض على مجلس نقابة الصحافيين مع أنها هي المسؤولة عن وضع ميثاق الشرف الصحافي، وأن المجلس الأعلى للإعلام تخطى النقابة وخاطب الصحف بشكل مباشر في مخالفة صريحة للقانون. وأشار إلى أن المواد الفضفاضة في المدونة تعطي لمجلس تنظيم الإعلام قوة كبيرة في السيطرة على أبناء المهنة ما يُعد مخالفة صريحة لحرية الصحافة والإعلام، موضحًا أن سياسية الترهيب المتبعة لن تكون حلًا للفوضى الموجودة على الساحة والتي لا يمكن حلها من خلال “الرقيب الذي يفعل ما يحلو له”. وعلل المسؤولون وضع هذه المعايير بأنها سوف تقضي على حالة الانفلات التي تشهدها المؤسسات الصحافية والإعلامية، وتؤسس لإعلام بعيد عن الفوضى وتراجع المهنية، وتقضي على ما يحدث من تهور إعلامي عند مناقشة القضايا الخلافية على الصعيد الخارجي ما قد يؤثر سلبا على العلاقات الخارجية للدولة المصرية. ونفى جمال شوقي، مقرر لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مؤتمر صحافي السبت، أن تكون هذه المعايير تمثل قيودًا على حرية الرأي والتعبير في الإعلام المصري، وأوضح أنها لا تحمل أي انحياز لدول بعينها بقدر ما تمثل نوعًا من التهذيب والتنقيح للأداء الإعلامي الذي خرج عن النصوص ومعايير الحرفية ما أثر على صورة مصر في الخارج. بدوره رأى حاتم زكريا رئيس لجنة الضوابط والمعايير بالمجلس الأعلى للإعلام أن هذه الاتهامات غير منطقية، خاصة وأن المعايير المجتمعية والقضايا المثيرة للرأي العام معروفة ولا تحتاج إلى تفسيرات، وأشار إلى أن معايير المدونة الإعلامية تستهدف بالأساس أن تكون هناك ممارسات أخلاقية في الصحافة والتلفزيون.المعايير تقول إنها تصب في صالح مهنية الإعلام إلا أنها تحمل بين طياتها تهديدًا واضحًا لحرية الرأي والتعبير وأضاف لـ”العرب” أنه لم يعد من الممكن الصمت على ما يحدث من بعض المؤسسات الصحافية والمحطات الفضائية في تناولها للقضايا المحلية والعربية، لأن هناك من يتعمد التصعيد والتجريح ويُصعّد الهجوم على بعض الدول العربية دون مراعاة للمهنية، ويحوّل الأمر إلى عداوة ويثير الرأي العام، وضرب مثالًا بما حدث من بعض الإعلاميين تجاه السودان مؤخرا. وشدد على أنه لن تكون هناك مجاملات لأي وسيلة صحافية أو إعلامية تخالف معايير المدونة الأخلاقية، سواء كان من يمتلكها رجل أعمال ذو نفوذ أو غيره، وسوف تطبق العقوبات على الجميع على أن تكون المحاسبة من جانب النقابة لعضوها أو من المؤسسة التابع لها الإعلامي، أما العقوبة الجنائية فسوف تكون خاصة بالحض على الكراهية واحتقار الأديان السماوية والتحريض على العنف. ورأى الكثير من أبناء المهنة أنه رغم أن المعايير في مجملها تقول إنها تصب في صالح مهنية الإعلام المصري لانتشاله من حالة الفوضى التي يغرق فيها خلال الفترة الراهنة، إلا أنها تحمل بين طياتها تهديدًا واضحًا لحرية الرأي والتعبير وتقضي على ما تبقى من بصيص الحرية الممنوحة للإعلام المصري. وبرهن هؤلاء على ذلك بأن محاسبة عضو المهنة المخالف للبنود أمام جهات القضاء يقضي على دور النقابات المهنية، كما أن هناك الكثير من العبارات والكلمات الفضفاضة التي تحمل أكثر من معنى ويمكن استخدامها بسهولة للتنكيل بالصحافيين والإعلاميين، ومن بين تلك العبارات “مخالفة الأعراف المجتمعية” و“إثارة المجتمع” و“الأولويات الحقيقة”، دون تحديد المعنى المقصود من هذه التوصيفات بالضبط.

مشاركة :