اعتراف متأخر بالصحافيين الرقميين في مصريسعى الصحافيون في المواقع الإلكترونية منذ سنوات إلى الانضمام إلى نقابة الصحافيين في مصر، وهو ما تعهد به مجلس نقابة الصحافيين الجديد لكن ضمن شروط محددة، ولن يأخذ الفرصة إلا من يستحق أن يكون عضوا فيها وفق ما أكد نقيب الصحافيين عبدالمحسن سلامة لـ”العرب”.العرب أميرة فكري [نُشر في 2017/03/29، العدد: 10586، ص(18)]جميع الصحافيين لديهم حقوق سواء في الصحف أم المواقع الإلكترونية القاهرة - أصبح صحافيو المواقع الإلكترونية في مصر على بعد خطوات من إنهاء معاناة استمرت لسنوات طويلة، تمثلت في عدم الاعتراف بهم، سواء داخل نقابة الصحافيين أو العديد من مؤسسات الدولة. وأكد مجلس نقابة الصحافيين الجديد أنه سيتم فتح الباب أمام منح العضوية للصحافيين في المواقع الإلكترونية، إذا توافرت فيهم شروط الحصول عليها. وألمح نقيب الصحافيين عبدالمحسن سلامة، أنه بصدد تعديل قانون النقابة الحالي، بما يسمح بدخول صحافيي المواقع الإلكترونية في إطار توجه عام مهني يحافظ على حقوق الجميع، وتجنب التعسف من جانب أصحاب المواقع الإلكترونية وبعض الجهات الحكومية، التي ترفض التعامل معهم بذريعة أنهم ليسوا أعضاء بالنقابة. وقال سلامة في تصريحات لـ”العرب” إن فتح الباب أمام دخول العاملين بالمواقع لنيل عضوية النقابة سوف يكون مشروطًا بمعايير وأسس وقواعد صارمة، ولن يكون الأمر بلا ضوابط، خوفا من أن يتسبب ذلك في انهيار النقابة وغياب الأساس الذي قامت عليه، ولن يأخذ الفرصة إلا من يستحق أن يكون عضوًا فيها، مؤكدا أن هذا الملف شائك. وأوضح أن هناك شروطا سوف يتم وضعها، مازالت قيد الدراسة، مثل أن يكون الموقع الإلكتروني تابعًا لمؤسسة ولديه هيكل مالي وإداري وتحريري وسياسة منضبطة ويطبق المعايير المهنية ولم يحصل أي صحافي إلكتروني طوال تاريخ نقابة الصحافيين المصرية على عضويتها، حيث يُشترط أن يكون عاملًا في صحيفة ورقية صادرة عن مؤسسة أو دار نشر، ما ضاعف من أزمات الصحافيين العاملين في مواقع إلكترونية، من التعسف ضدهم والتغاضي عن حقوقهم الوظيفية، مثل التأمين والراتب المنتظم والمعاشات، في وقت لا توجد فيه أي جهة تدافع عنهم. وتعيش مصر حالة من النمو السريع للصحف الإلكترونية، كغيرها من الدول، مقابل انكماش الصحف الورقية بسبب كثرة الخسائر التي تتعرض لها جراء تراجع نسب التوزيع وارتفاع تكلفة الطباعة، بل إن ملاك بعض الصحف الخاصة قرروا إغلاقها وتحويلها إلى مواقع إلكترونية، على غرار صحيفة التحرير المستقلة.عبدالمحسن سلامة: لن يكون الأمر بلا ضوابط خوفا من أن يتسبب ذلك في انهيار النقابة ومع ذلك تواجه الصحافة الإلكترونية أزمة كبيرة من حيث نظرة المسؤولين إليها، ومازال أغلبهم يعتبر أن نشر الخبر في الصحيفة الورقية أكثر وقعًا من نشره على موقع إلكتروني، ما تسبب في أن تقتصر بعض الجهات الحكومية تغطية أخبارها على الصحف الورقية فقط، ومن بينها مجلس النواب ووزارات كثيرة. كما أن حرمان هذه المواقع من عوائد الإعلانات وضعف التمويل وانتشار النموذج الربحي القائم على الاستثمار السياسي، هي عوامل تقف في سبيل استمرار المواقع الإخبارية المستقلة غير التابعة لكبريات المؤسسات الإعلامية، وفق خبراء الإعلام. وشهد وسط الإعلام الرقمي بمصر مؤخرا أزمة إغلاق موقع “أصوات مصرية” التابع لمؤسسة تومسون رويترز على خلفية أزمة تمويل. ويقول خالد البرماوي، صحافي ومتخصص في الإعلام الرقمي، إن ثمة تحديات عالمية ومحلية تواجه الإعلام الرقمي بمصر، أهمها سيطرة فيسبوك وغوغل على نحو 85 بالمئة من حجم الإعلانات، ما يؤدي إلى تباطؤ نمو المحتوي الرقمي، إضافة إلى انتشار الأخبار الكاذبة، وما يترتب على ذلك من التأثير سلبا على مصداقية المواقع الإلكترونية. ويضيف أن “غياب وجود بنية تشريعية تنظم الإعلام الرقمي دون فرض قيود، وانتشار النماذج الربحية القائمة على الانحيازات السياسية، وعدم استيعاب سوق الصحافة لأعداد الخريجين الجدد والتي تصل إلى 7 آلاف سنويا” هي أبرز التحديات التي تواجه الإعلام المصري عامة والرقمي تحديدا. ويرى آخرون أن فتح نقابة الصحافيين الباب أمام دخول الصحافيين الإلكترونيين بالتزامن مع تطبيق التشريعات الإعلامية الجديدة وإغلاق كل المواقع التي يعمل فيها صحافيون غير نقابيين، من شأنه القضاء على فوضى هذه المواقع وما تسببه أحيانًا من تشويه صورة الصحافة بشكل عام. ويقول خبراء إعلام إن عضوية النقابة للصحافي الإلكتروني تضمن حقوقه المالية والأدبية وتحميه من تعنت أجهزة الأمن خلال تغطية الأحداث والفعاليات، حيث كان يتم اعتقال بعضهم بتهمة ادعاء العمل بالصحافة، لأنه لم يحمل أي مستند أو بطاقة نقابية تثبت هويته الصحافية. ويعتقد الكثير من العاملين في الصحافة أن احتواء المهنيين فقط ومن تنطبق عليهم شروط العضوية، يضمن تنقيح مهنة الصحافة من الدخلاء وغير المؤهلين للعمل فيها، لا سيما وأن الواقع في مصر يوحي بأن الصحافة دخلها من لا يستحق العمل فيها، ما تسبب في تأجيج غضب أجهزة الحكومة على الصحافيين دون تفرقة. وقال سلامة نقيب الصحافيين الجديد قبيل فوزه بالمنصب، إن لجوء الصحافيين الإلكترونيين لإنشاء نقابة موازية تحمل اسمهم، تسبب في شق الصف الصحافي ما سهل عملية اختراقه، وهذا الوضع لن يستمر. وأشار صحافيون إلكترونيون في حديث لـ”العرب” إلى أنهم يواجهون مشاكل حقيقية في تغطية الأحداث والتعامل مع المسؤولين، وأولاها أنهم لا يجيدون التعامل مع الإنترنت أو متابعة ما ينشر في الصحافة الإلكترونية، وبالتالي يتعامل مع الصحافي الإلكتروني بأنه “ثقيل الظل”. وكانت هذه الأزمة أحد الأسباب الرئيسية التي اصطدم بها مجلس النقابة السابق، خشية أن يدخل في مفاوضات غير محسومة مع الحكومة بشأن زيادة المخصصات المالية الموجهة لـ”بدل النقابة”.
مشاركة :