دورُ المُخابراتِ البريطانيةِ في تأسيسِ التَّنظيمِ الماسونيِّ للإخوانِ

  • 7/4/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

ما زال التنظيم الماسوني لجماعة الإخوان وظروف نشأته والهدف منه مدار الكثير من التأويلات والتنظيرات ، إلا أن معظم الكتب خرجت مؤخرًا بعد سقوط الجماعة فى مصر وعدد من الدول العربية ، وقبل 36 عامًا صدر كتاب يحمل عنوان ( رهينة فى قبضة الخمينى ) للكاتب ( روبرت دريفس ) يسرد آلاف التفاصيل الدقيقة لتوضيح دور المخابرات البريطانية فى نشأة التنظيم الماسوني لجماعة الإخوان فى مصر، فضلاً عن العلاقات بين أجهزة الإستخبارات الدولية وعدد من الرموز والشخصيات البارزة فى العالم الإسلامي ، ويروى الكتاب الدور الذى بذلته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ( جيمي كارتر ) فى التواطؤ مع البريطانيين لتنصيب قائد الثورة الفارسية الإيرانية الخمينى حاكمًا، ويدين عدد من القيادات على أعلى مستوى داخل الولايات المتحدة ممن قدموا العون والتأييد للخميني وأعوانه من قادة الإخوان ، وكيف اعتمدت بريطانيا على دعم الطوائف والجماعات الدينية الضالة فى الشرق الأوسط فى محاولة منها للتصدى للأفكار التنويرية والعلمية ، وبدلاً من ذلك تصدير الفكر الأصولى المتطرف الذى يرفض الحداثة والعلم ويتمسك بكل ما لا يتماشى مع العصر الحديث، ويشرح الكتاب دور عدد من الشخصيات الدينية البارزة فى خدمة الماسونية العالمية فى تنفيذ مخططاتها فى المنطقة وتحقيق بعض الأهداف التى نشهد جزء اً كبيراً منها الآن فى سورية والعراق وليبيا واليمن وغيرها من البلدان العربية . ويبدأ الكاتب بتفاصيل أسرار العلاقة بين الخمينى وجماعة الإخوان ونشأتها كما يؤرخ الكتاب لفكرة الاعتماد على جماعة الإخوان ودعمها من قبل الجهات التى أرادت انتشارهم لتنفيذ ما يريدون، مدللًا على ذلك بأنه ما كان ممكنًا للجماعة التواجد حتى اليوم لـولا حقيقـة مفادهـا أن مستشـرقى جامعـات أكسـفورد وكامبريدج البريطانيتين تتبعوا العناصر الأكثر تخلفًا فى الثقافة الإسلامية ودونوا ملاحظـات عنـها وغرسـوها بعناية، ومن ثم نشأت جماعة الإخوان نتيجة التنظيم الصبور من جانب عملاء لنـدن فى العـالم الإسـلامى، مـن أمثال ( ت.ى. لورنس ) الشهير ب ( لورنس العرب ) و ( ويلفريـد سـكاوين بلانـت ) و ( إ. ج. بـراون ) و ( هـارى سـان جون فيلبى ) و ( أرنولد تونيبى ) و ( برتراند راسل ) ، ويشير الكاتب إلى أنه تم الدفع بالرموز الرجعيين وتلميعهم عبر التاريخ لمناهضة الصحوة العلمية العقلانية الحقيقية فى بلاد العرب، مشيرًا إلى أن أكبر مؤيدى مبادئ مناهضة العلم وإنكار المبادئ الفلسفية فى القرن التاسع ( أبو الحسن على بن إسماعيل العشارى، مؤسس ما يعرف بالمدرسة العشارية الأصـولية فى الإسـلام )، و ( أبوحامد الغزالى ) فى القرن الحادى عشر، الذين كانوا عملاء يعملون بأجر لصالح الطبقة الأرسـتقراطية فى أيـام الخلافة والممالك التالية، وأنهم سعوا لتفكيك التوجه العقلانى الناشئ، الذى بدا واضـحًا بدرجـة كـبيرة فى أعمال عباقرة العلوم الإنسانية مثل ( الفارابى والرازي وابن سينا ) ، ثم يدلل الكاتب على العلاقة بين العشارى والغزالى فى التأصيل للأصولية ومد الرجعية والتخلف لتدمير كافة النظريات العقلانية، قائلاً إن البريطانيين قد درسوا أعمال الغزالى لاستخدامها فى التأسيس لجماعات التخلف التى تحولت فيما بعد إلى جماعة الإخوان . ويشير الكتاب، إلى أنه ما بين القرنين الحادى عشر والرابع عشر انتشرت كتابات الغزالى بشكل كبير، وتسببت فى انهيار الحركة الانسانية الإسلامية والنهضوية، و كانت بمثابة انهيار الحضارة الإسلامية، ويربط الكاتب بين عدد من الحركات والتحركات فى دول مختلفة ليصل عبرها إلى التدليل على أصولية حركة جماعة الإخوان وكيف كان حسن البنا عميلاً لدى التنظيم الماسوني العالمي ، ويوضح الكاتب، كيف استغلت بريطانيا الحركات الصوفية الضالة كأداة توغل استعمارية إلى الشرق الأوسط كما يشير الكاتب إلى مرحلة جديدة فى نشأة الإخوان المجرمين فى ليبيا على يد ( محمد بن على السنوسى ) مؤسس النظام السنوسى للإخوان عام ١٨٢٩ عندما أسس جمعية سرية من الباطنية الصوفية الضالة وكان شعار الحركة «الوحدة الإسلامية»، وانتشرت تدريجيًا فى تونس وطرابلس وبرقة وأصبحت فيما بعد تعرف بـ «أخوية السنوسى» وأصبح لها أتباع بنحو 5 ملايين فى مصر وتونس وليبيا، ثم يتابع إنه عقب الحرب العالمية الأولى، تم اعتبار أخوية السنوسـى رسميًـا أحـد أصـول المكتـب العـربى البريطـانى فى القاهرة، وأنه تم إرسال عميل جـرئ مـن عمـلاء المخـابرات البريطانيـة إلى طـرابلس للمسـاعدة فى تنظـيم العمـل السياسى للحركة، وكان اسم هذا العميل ( عبدالرحمن عزام ) الذى كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية ويتابع الكاتب فى فصل آخر من الكتاب تحت عنوان ( الإخوان - المقر فى مصر ) العلاقة التى نشأت بين الأفغانى ومحمد عبده وكيف صار الأخير على ذات درب الأفغانى فىتنفيذ الحركة الماسونية والعمالة لصالح بريطانيا، وعقب رحيل الأفغانى القسرى، تم ترشيح محمد عبده علـى نحـو غـير متوقـع رئيسًاـ لتحريـر مجلـة الجريـدة الرسمية، وهى الجريدة الرسمية الصادرة عن الحكومة المصرية والخاضعة للسيطرة البريطانية، مشيرًا إلى أنه لولا وجود محمد عبده فى الحركة السرية للأفغانى ما كان قد رشح لهذا المنصب، والذى وصل فيما بعد إلى منصب رئيس اللجنة الإدارية بالجامع الأزهر فى 1892 والذى أشار الكاتب إلى أنه تمكن من تمكين رجال الحركة السرية فى أماكن قيادية فى الشؤون المصرية والإسلامية، وعمل ضمن الحركة السرية التى كانت النواة لجماعة الإخوان ، ويربط بين الأفغانى ومحمد عبده والبنا الذى تتلمذ على يد محمد عبده، ويشير إلى أنه كان أحد أعضاء الحركة السرية حيث إنه كان رئـيس جمعيـة أُطلـق عليهـا ( جمعيـة السـلوك القـويم ) ، ثم انتقـل إلى ( جمعية منع المحرمات ) .وفى بداية حياته، تعرف البنا على الدوائر الصوفية للإخـوان الحصـافية، وظـل عضـوًا بهذ الجمعية السرية لأكثر من عشرين عامًا، وبحلول عام ١٩٢٢ تم قبوله كعضـو كامـل الصـلاحيات فى الطائفـة الحصافية، وبعد وصوله إلى قيادة حزب المنار وتأسيس الجماعة عام 1929 موله البريطانيون فى بناء أول مسجد للإخوان المسلمين فى الإسماعلية 1930، وفى عام ١٩٤١ تم تسجيل أول حالة تعاون بين الإخوان وأحد كبـار ضـباط المخـابرات البريطانيـة ( ج.هيورث دان ) فى سفارة بريطانيا فى القاهرة، وكانت هذه البداية بين المخابرات البريطانية وجماعة الإخوان المجرمين الوليدة ، ويتابع الكاتب سرد الأحداث فيما بعد ثورة 23 يوليو 1952، وتحديدًا فى فبراير وأبريل عام ١٩٥٣، حيث عقد المرشد العام ( حسن الهضيبى ) سلسلة من الإجتماعات السـرية مـع تريفـور إيفـانز فى السـفارة البريطانية بالقاهرة حيث أخبر البريطانيين أنه قد يتحالف معهم لمنح بريطانيا العظمى حقوقًا دائمة فى قاعدة قناة السويس بعـد الانسـحاب الرسمـى للقـوات البريطانيـة المتمركـزة هنـاك. ويعود الكاتب للربط بين النظام الفارسي الإيرانى وجماعة الإخوان فى إشارة لإجابة الرئيس الفارسي الإيرانى الأسبق ( أبو الحسن بنى صدر ) فى إحدى اللقاءات عند سؤاله عن التنازع الحدودى عام ١٩٨٠ بين إيران والعراق حيث أجاب أنه ( ليس ثمة حدود بين الدول الإسلامية ) ، ويشير الكتاب إلى أن نقل مكتب الاستخبارات البريطانية العربى القديم من القاهرة إلى لندن جاء بعد ضمان الولاء الكامل للجماعة وأنه يطلق عليه حاليًا اسـم المركز العربى البريطانى، ومجلس تعزيز التفاهم العربى البريطانى ( CAABU ) ومحطته الفرعية المعطلة حاليـًا فى لبنان، مركز الشرق الأوسط للدراسات العربية ( MECAS )وكان نقل مقر الإخوان إلى لندن وجنيـف بسويسرا عام ١٩٥٥ - عندما أجبرهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر للرحيل من مصر-، فإن الإخـوان كـانوا يخرجـون بعلاقـة اسـتمرت لفتـرة طويلة إلى حيز العلن بشكل كامل يؤكد كافة العلاقات الخفية التى تمت مع القيادات السابقة ويسرد الكتاب بعض التفاصيل المتعلقة بإمبراطورية الإخوان المالية فى العالم العربى وفى السعودية وإيران وغيرها، وكيف أن بريطانيا أصبحت شريكًا لهذه الجماعة فى كافة الدول وتؤثر بشكل كبير فى العملية الاقتصادية لهذه الدول التى ما زالت تسعى إلى العمل على إظهار طوائف جديدة وجماعات عرقية جديدة فى سورية والعراق واليمن وغيرها من اجل استمرار مسلسل التقسيم فى المنطقة معتمدة على بعض القيادات الحالية كما اعتمدت على الصوفية والإخوان وحسن البنا والغزالى أيضًا .عبدالله الهدلق

مشاركة :