قصة... نملة - مقالات

  • 7/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أن علم الإدارة، فن وعلم، وأصبح يدرس بطريقة مهنية واحترافية، والبعض يدفع الأموال الطائلة لكي يتعلم هذا العلم والفن في أفضل وأعرق الجامعات حول العالم. والبعض يحاول أن يستفيد من بعض التجارب في هذا المجال، فيحاول أن يقرأ سير الناجحين والرؤساء التنفيذيين لكي يأخذ الخبرة منهم. وآخرون يقرؤون السير الذاتية ويحاولون أن يستفيدوا من خلاصة هذه الكتب. واليوم لنا نموذج آخر نتعلم منه القيادة والإدارة والاتقان بالعمل والتضحية وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، إنها النملة، التي ذكرها الله في القرآن الكريم قال تعالى في سورة النمل: «وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ». إنها صرخة ونداء التحذير لقومها مع أنها صغيرة في حجمها وجسمها لكنها أدت الواجب وبادرت إلى الفعل.إن هذه النملة وبهذه المبادرة الكبيرة، قد عرضت نفسها للخطر، خطر أن تسحقها أقدام الإنس، مع أن الموقف هنا يتطلب الفرار، ولكنها قد وقفت تنادي النمل وتحاول إنقاذها وهذه تضحية، وقدمت مصلحةَ أمتها على مصلحتها الشخصية.ونلاحظ أن هذه النملة لم تكتف بالتحذير فقط ولكن قدمت الحل لهذه المشكلة الكبيرة فقالت «ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ»، ورأت النملة أنه الحل الأمثل ولأن الفرار والتخبط على سطح الأرض يجعل من النجاة صعوبة أمام هذه الجحافل العسكرية القادمة، فاجتهدت وقدمت الحل بطريقة عملية.ويقال في عالم النمل أنها مضحية، حيث إنها عندما تريد أن تقطع حاجزا مائيا تتشابك أيديها كالجسر، ويسير بقية النمل فوقها، والمجموعة الأخيرة التي شبكت أياديها تذهب مع المياه، تضحي بنفسها لأجل قومها.وإذا أردنا أن نتحدث عن التفكير الاستراتيجي، فلنا في النمل العبرة، حيث يحتكر قوته في زمن الصيف لزمن الشتاء، والبذور أو الطعام التي يخاف النمل عليها أن تنبت يقسمها قسمين، وإذا خاف من عفن الحبوب نشر الحبوب على الأرض وفرشها، وبيوت النمل مقسمة إلى أماكن للتخزين ونوم، ويقال إن النمل ينظف نفسه وفي اليوم أكثر من مرة.والعجيب في قصة النملة أنها أحسنت الظن بالآخرين، عندما قالت «وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ»، فالتمست لهم العذر لجنود سيدنا سليمان عليه السلام، وهذا من عدالة حكمها وإحسان ظنها بالآخرين. والقائد كذلك يجب أن يقدم إحسان الظن بالذين يعملون عنده.قال تعالى: «قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ». يقول العلماء عن هذه النملة: ما أعقلها من نملة وما أفصحها، استخدمت معظم أساليب اللغة العربية والفصاحة، فقالت: «يَا»، وهنا نادت، «أَيُّهَا» نبّهت، «ادْخُلُوا» أمرت، «مساكنكم» نصت، «لَا يَحْطِمَنَّكُمْ»: نهت، «سُلَيْمَانُ»: خصّت، «وَجُنُودُهُ»: عمّت، «وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ»: اعتذرت، فتكلمت بمعظم أنواع الخطاب في هذه النصيحة القصيرة المختصرة .akandary@gmail.com

مشاركة :