أجد أن المعدات الكهربائية المستعملة في المطبخ المنزلي لتحضير أطعمة خفيفة كالمعجنات والحلوي وأنواع مشروب القهوة كالكبوشينو، وكذا خلاطات الفواكة تملؤ مخازن البيع الصغرى والكبرى. لكن هذه الموجودات لا تكاد تُستعمل، والسبب أن أهل المنزل يُفضلون طلب حاجياتهم بواسطة التلفون. قال لي صديق إن أبناءه وبناته قلما يدخل أحدهم المنزل إلا وبيده كأساً ورقياً مملوء بالقهوة أو عائلتها (عائلة القهوة) كالكابتشينو وما شابه. وفي يده الأخرى كيساً ورقياً من الدونات. وقال صاحبي لنفسه إن المطبخ ملآن من أدوات صرفنا مبالغ على شرائها ولا تُستعمل. مربوطة بمقابس التيار الكهربائي ولا تحتاج إلا إلى لمس زر، ومع ذلك تبقى نظيفة (من كرتونها). الأسرة إذا ذهبت إلى السوق المركزي كذلك تعود ومعها قهوة بكؤوس ورقية، وقد فطن أصحاب السوبرماركت إلى تلك النزعة فقاموا بتوفير كاونتر ومعدات قهوة بأنواعها، في طريق الخارج من التسوق، ليقوم بخدمة من تسوّق والعابر. قلت لصاحبي إن للموضوع طرف أرث وموروث. فلا يزال المولعون بالمجالس والملاحق التراثية يصرون على ملء طاق الموقد(الوجار) بأكثر من صف أو صفين من دلال القهوة اللامعة الأصلية الصنع، يليها صف آخر من الأباريق ذات الطراز القديم (طلاؤه أبيض وأحمر وأخضر في الغالب) وله مقبض علاقي (على فكرة لا تستعمل تلك الأواني أبدا) فقط تملأ فجوات صُممت لهذا الغرض. المقاهي الحديثة الآن في مدننا الكبيرة أخذت تلك النزعة. فإذا دخلت أي مقهى عصري سوف لا تغيب عن فطنتك وجود أنواع من الأكواب والأباريق والكؤوس موضوعة بأناقة وترتيب فوق رفوف صُممت لهذا الغرض. والبعض منها إمعاناً في الجذب نثر حبات قهوة على الرف ليجعل الرائي يحس بالطعم. وقال تحقيق في هذه الجريدة إن انتشار المقاهي ساهم في اللقاءات الاجتماعية، ليترك المطبخ ينعى من بناه. والتجمعات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والتعليمي، فمن خلال نظرة عابرة داخل أحد المقاهي يمكن أن نلحظ وجود مجموعة من الشباب يجتمعون في احدى زواياه، كما يمكن أنَّ نجد مجموعة من الفتيات اللاتي يدرسنَ بشكل جماعي في زاويةً أخرى من زوايا مقهى الأسر وسط رائحة القهوة و"التشيزكيك"، بينما نجد في ركنٍ آخر أنَّ هناك عدداً من الطاولات التي جمعت سيدات يجمعهن العمل أو الصداقة، مُشيرةً إلى أن المقاهي اليوم ساهمت بدور كبير في التواصل الاجتماعي بديلاً لجلسات المنازل ومنازلة أدوات المطبخ.
مشاركة :