الإسلام قيمة عظيمة ربانية لا ينتقص من قدرها سلوك من ورثها، فاتباع الاسلام ليس بالضرورة هم من يمثل قيمة الإسلام الطاهرة، وهذا ليس جديدا فمنذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، والمسلمون في شقاق الى يومنا هذا، فقد دخلت المصالح والتحالفات الإنسانية في حياة أهل الإسلام وشيدت لها قيم تخدم المصالح وتناقض قيم الدين الربانية. الخلط بين الإسلام وسلوك المسلمين كان مادة كتابة لفتاة عربية يهودية، حاولت بها أن تقوض بها الدعوات المقدمة لها للدخول في الإسلام، فقالت: "ان المسلمين يقولون ان الإسلام يتفرق لبضعة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وكل فرقة من هذه الفرق تدعي أنها الفرقة الناجية، فماذا اتبع، من هي الفرقة الناجية، وبسبب هذا الاختلاف يقتل المسلمون بعضهم بعضا.. وتزيد، أن الولد اليهودي الذي دخل الإسلام في زمن المصطفى عليه السلام، تعرف على الإسلام من سلوك النبي عليه السلام قبل أن يتعرف على القرآن، فأين هو السلوك القويم للمسلم اليوم الذي يجعلني أقبل على الإسلام قبل قراءة القرآن" وقد اتفق معها الكثير من القراء المسلمين، الذين رأوا بأن طرحها عقلاني ويحجز كل دعوة لدخول الإسلام بسبب سلوك المسلمين الشائن اليوم، فمن منطق الطرح العقلاني لتسمح لنا الفتاة السامية أن نختلف معها ولعدة أسباب: أولا: إنها لم تجد من أبناء قومها اليهود ما يسند تبريرها إلا الولد اليهودي الذي اسلم على يد المصطفى عليه السلام بسبب السلوك وليس بسبب النص، وهذا تبرير للإسلام وليس عليه لأن نبي الإسلام خلقه القرآن، ونتجاوز عن هذا السبب ونقول: إنها حذفت الفترة مابين إسلام الفتى جار النبي عليه السلام الى هذا التاريخ، فقد دخل من اليهود الى الإسلام ألوف مؤلفه فهل بحثت عن سبب دخولهم الإسلام، وتسمح لنا أن نورد عليها هذه القصة التي عمرها لم يتجاوز الأكثر من عامين، بطلها شاب يهودي تحول للإسلام، اسمه جوزيف كوهين قبل إسلامه، ومن مواليد نيويورك، استقر في فلسطين وغير اسمه ليوسف الخطاب، القصة: هي زيارة صحفي أمريكي ملحد له في فلسطين، فقد أراد أن يضعه الصحفي في مواجهة مع سلوك المسلمين، وسأله عن رأيه في أحداث نيويورك مسقط رأسه، فرد عليه بالقول: "عن رأيه بقتل إسرائيل لسكان 17 قرية، وكيف إن العالم تعاطف مع ضحايا نيويورك ولم يتعاطف مع ضحايا فلسطين"، فالسلوك السيئ شيء والقيم الراقية شيء آخر، وهكذا هو الإسلام إما حجة لك أو عليك، إن أخذ بتعالميه كان حجة لك، وإن تخليت عنها كان حجة عليك. ثانيا: فمعرفة اليهود بالدين الإسلامي تعود الى زمن المعبد الثاني أي قبل ظهور الإسلام، الذي جاء فيه أن سيدنا نوح عليه السلام عربي ودينه الإسلام، حيث ذكر في ذلك العهد إن بنيموزك تعاليم عند اليهود ذكرت السلاماي ومسلماني أي الإسلام. ثالثا: في ديننا الإسلامي لا إكراه في الدين من شاء فليؤمن ومن شاء لا يؤمن، فالإسلام لا يعرف بسلوك البشر، بل البشر تعرف بالإسلام، فالذي يدعوك للإسلام لا يدعوك لاتباع السيئ في سلوك المسلمين، بل اتباع الإسلام، الذي قال عنه أحد كبار الخامات ان الإسلام قوي لأن له قائد ودليل واحد فقط هو القرآن الكريم، ولذا تكون الدعوة من ذاك الدليل وله وليس اتباع سلوك أقوام متناحرة. نقبل نقد سلوك المسلمين وربما نكرهه مثلك، ولكن لا نقبل بأن يكون مبررا لعدم الدخول في ديننا العظيم.
مشاركة :