الإنسان هو ما يأكل - عبد الله بن إبراهيم الكعيد

  • 6/20/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

العنوان مقولة قيلت قديما وتعبّر في سياقها الكلّي عن علاقة الإنسان بالطعام، تلك العلاقة التي تبدّلت وتطورت بتطور الإنسان منذ كان بدائياً يعيش عيشة الوحوش وحتى العصر الحديث المتحضّر بكل مدنيّته. ما يحتاجه جسم الإنسان من طعام لم يختلف في مكوناته الغذائية منذ خُلق الإنسان لكن هذا الأخير هو من بدّل وأضاف ونوّع تلك المكونات حتى وصل الحال إلى عدم الاكتفاء بما تنتجه الطبيعة من طعام بل تم اللجوء إلى تصنيع الطعام من مكونات غير طبيعية وتركيبات كيمائية والمآل واحد. المعدة ثم الجهاز الهضمي مع اختلاف النتائج فقد يكون الطعام سبباً للأمراض أو الوقاية منها. لن أقدّم دروساً حول ما الذي يوصى بتناوله من عدمه فهذا شأن اختصاصي التغذية ولكنني سأتناول حكاية الطعام كمفهوم عام وعلاقة معظم أفراد مجتمعنا به فمن يرى ممارساتنا مع الغذاء يظن بأننا نعيش لنأكل وليس العكس. المشكلة لا تقتصر على كمية الطعام التي يستهلكها الفرد حسب حاجته من عدمها بل في كمية الهدر التي يُخلّفها بعد الأكل وهذه من أكثر الممارسات جهلاً بقيمة الطعام واستهتاراً بالنعمة. نحن في بدايات شهر الصوم وهو شعيرة دينية تعتمد على الامتناع عن الطعام والشراب وغيرها من السلوك لفترة زمنية محددة تقرباً للرب وتوجد (أي الشعيرة) في كل الأديان السماوية وغير السماوية ومع هذا فمن يرى حشود البشر في الأيام التي سبقت هذا الشهر وهي تتزاحم في الأسواق المركزية وتدفع بالعربات التي تنوء بحمل الأكياس والكراتين المملوءة بشتى أصناف الأطعمة ومكونات الوجبات الغذائية يظن بأن البلد مقبل على مجاعة والناس تحتاط بتكديس الأغذية واستهلاكها. هل هذا السلوك يتوافق مع مفهوم الصوم؟ أترك الجواب لأهل العقول والنُهى. وأقول ربما نكون من أكثر شعوب الأرض إهداراً للطعام مما جعل الأمم الأخرى تعيّرنا بذلك الأمر الذي دفع بعض المنظمات التطوعية العالمية بمطالبة الدول المصدّرة للأغذية بالامتناع عن بيعها لبلادنا ومن يماثلنا في الاستهتار بالطعام والإسراف فيه حتى نعرف أهمية ترشيده والشعور بأحوال الشعوب التي يموت أفرادها من الجوع وخصوصاً الأطفال لانعدام الغذاء وعدم القدرة على توفيره. قد يقول قائل: طيب وما الحل؟ شخصياً لا أميل لحكاية الوعي والتوعية ذلك المشجب الذي نُلقي عليه كل إخفاقنا وعجزنا عن إيجاد الحلول للقضايا والمشاكل الشائكة ولكنني أجد في أسلوب القسر والتقنين ملجأ لهكذا قضايا هامّة كحالنا مع هدر الطعام أو الماء في الوقت الذي يعاني فيه العالم شحّاً في تلك المصادر الهامّة جداً واتركونا من العواطف والمجاملات الزائفة التي ستردينا موارد الهلاك. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net

مشاركة :