محرك العلاقة الجنسية رجل بقلم: شيماء رحومة

  • 7/18/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بدلا من تفكير عميق في جوهر الوجود تشبع الخلق بالعديد من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة تماما بأن المرأة الجيدة لا تستمتع بالجنس، ويجب عليها أن تستلقي وتفكّر في صلاة الصبح.العرب شيماء رحومة [نُشر في 2017/07/18، العدد: 10695، ص(21)] “دليل الجنس للمسلمة: دليل إرشادي حلال لجنس مثير للإعجاب”، عنوان أول كتاب إرشادي لامرأة مسلمة فضلت عدم استخدام اسمها الحقيقي، خطت من خلاله بقلمها رسالة تؤكد أن المرأة المسلمة بإمكانها، بل وينبغي عليها الاستمتاع بحياة جنسية متنوّعة، وأخذ زمام المبادرة في العلاقات الجسدية. لسبب ما أعاد مقال كتب حول هذا الكتاب إلى ذهني صورة أول كاتبة في الفقه وهي نظيرة زين الدين التي اتهمت من قبل رهط من الرجال بأنها أجبرت على وضع اسمها على بنات أفكارها “السفور والحجاب”، فتسلحت بقلمها وأشهرت في وجه كل من شكك في رسمها بالكلمات لموضوع يعد إلى اليوم حكرا على الرجال، كتابها الثاني “الفتاة والشيوخ”، ثم ماذا بعد ذلك، فقط ظلت طي النسيان ولا يعرف بأمرها إلا قلة قليلة وأقصي كتابها على رفوف الذاكرة العربية الهرمة. وجه الشبه في القصتين أن إحداهما اتهمت بأنها تضع اسمها على علوم دينية لا تصلح دون اجتهادات وتبصرات ذكورية والأخرى نأت باسمها عن اتهام النقاد لها بأنها تكسب النساء المسلمات توجّهات جنسية، وتشجع على ممارسة الجنس غير الشرعي، لكن الكاتبة المجهولة صرحت قائلة “تلقّيت عشرات الرسائل الإلكترونية من رجال يسألون ما إذا كان لديّ أي خطط لتأليف كتاب لتعليمهم كيفية إرضاء زوجاتهم في الفراش، وقد أخذت ذلك في الاعتبار، وأخطط لتأليف كتاب لاحق إذا كان هذا الكتاب ناجحا”. وسنجد بدل كتاب الفتاة والشيوخ الذي دافعت من خلاله صاحبته عن حقها في الكتابة، صاحبة كتاب الإرشاد الجنسي تلبي رغبة بعض الرجال في معرفة المزيد، إذ لم ينكروا عليها الحق في الكتابة كما فعل أسلافهم من أهل الدين، فكلا المسألتين سواء الدين أو الجنس من المواضيع الحساسة التي يوضع على عتباتها فحول صناديد لحراستها والسهر عليها وولوج المرأة في حلكة الظلام إغواء وتضليل وما عدا ذلك خروج عن الأعراف والنواميس. أرى أن الرغبة الذكورية في كتابة امرأة لفصول أكثر دقة لتسيير علاقة الرجل بزوجته في الفراش دليل على نمو وعي جديد لن أقول متلبس بمعارف غربية فعلى الأقل هذه المرة بعيد كل البعد عن التقليد الأعمى بل هو انفتاح وتفتق ذهني يسهل تأسيس علاقات زوجية أشد متانة وأبعد ما تكون عن ردهات المحامين وسراديب المحاكم. من الجيد الاعتراف بأن الخلل في العلاقات الثنائية يبدأ من لحظة الولادة الأولى لمفهوم انصهار الأنا الأنثوية داخل صولجان البعل يحركها وفق ما يشاء، فالمرأة تنشأ على أنغام أجراس الخطر من ممارسة الجنس، وأن كل ما يرتبط به قذر عليها التطهر منه تماشيا مع الآية الكريمة “فلمّا ذاقا الشّجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة”، وكان اللوم على حواء والتقريع لآدم لأنه لم يملك زمام الأمور وانساق وراءها، ومنذ لحظة الخلق الأولى صار على البشرية تصحيح الخطأ والتطهر من الخطيئة الكبرى. وبدلا من تفكير عميق في جوهر الوجود تشبع الخلق بالعديد من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة تماما بأن المرأة الجيدة لا تستمتع بالجنس، ويجب عليها “أن تستلقي وتفكّر في صلاة الصبح”، بحسب ما ورد في هذا الكتاب الجديد. قد يكون الكتاب بادرة من جملة البوادر التي بدأت ترى النور لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي لدفع المرأة العربية إلى تغيير نمط تفكيرها حول المواضيع الجنسية، وفرصة لإعادة النظر في كل القراءات السابقة التي شحنتها بثقافة تجميد رغباتها لأن محرك العلاقة رجل، في حين ظهر للعلن امتعاض ذكوري ضاق ذرعا بفتور أنثوي لا يحرك ساكنا وصرحوا أن حبهم للجنس وأحلامهم يصطدمان بجمود صخري لزوجة لقنت دروس لا صلة لها بالواقع. كاتبة تونسيةشيماء رحومة

مشاركة :