جاء في زاوية «ثرثرة» بعدد «الراي» الثلاثاء الماضي، «بيان مجلس الوزراء عبارة عن مجموعة تكليفات بالجملة. السؤال: كم كلفتنا كشعب مثل هذه الحكومات؟».هذا القول يتناسب إلى حد ما مع مضمون مقالات كتبناها وغيرنا بحس وطني بحت، وكان آخرها مقال «مجلس الوزراء والشراكة العالمية» ومقال «الوطني... يكسب»، وهو في الأهداف لا يتناسب إطلاقاً مع مفاهيم قيادة وإدارة الدولة الحديثة المعتمدة حالياً.أصبحنا في حل من أمرنا... فمعظم التكليفات لا تعالج الوضع الإداري الذي تعاني منه «أيديولوجية» طرق إدارة المؤسسات لدينا.كنا نشتكي من قصور في التعليم٬ الصحة٬ وكثير من الخدمات وتنفيذ المشاريع الكبرى إلى أن بلغ الحال اكتشاف حالات التزوير في الشهادات وطريقة الحصول على ترقية والاستثمارات والكسب أياً كان نوعه!لا تستغرب ترقي طبيب جراحة عامة إلى وظيفة استشاري تجميل مثلاً... ولا تستغرب حصول موظف غير مؤهل على منصب قيادي. ولا تستغرب حضورك ابنك حصة مدرسية يخرج منها بلا فائدة، أو زيارة لطبيب تخرج منها بتشخيص سليم لما تعاني منه من آلام. ولا تستغرب أن تذهب لإنهاء معاملة بسيطة، ويقال لك «المعاملة ناقصة تعال باكر وبعد باكر»!أستغرب كما غيري يستغرب من هذا القصور الذي لا يتناسب مع طبيعة العصر الذي نعيشه.نحن شعب اهتم بتويتر وسناب شات والواتس آب كمصدر للمعلومات التي في أغلبها «حشو» فيه من توافه الأمور الشيء الكثير.لم نفهم إلى هذه الساعة أهمية العمل المؤسسي في عصر تتحرك فيه الدول اقتصاديا وتنمويا وتعليميا وتشغيليا عن بعد عبر دراسات وكتب وتقارير تبعث إلكترونيا بضغطة زر وتخزن في قطع لا تتجاوز حجم صندوق صغير فيه ذاكرة تسع كل ما نريد ونستطيع الرجوع إليها وقتما نشاء.العالم يتحرك بسرعة فائقة ومذهلة قد تصل في يوم ما إلى سرعة الصوت، ونحن ما زلنا مشغولين ببيانات مجلس الوزراء التي لم تعالج إلى الآن وضع مؤسساتنا تشغيليا وقياديا.هل من رؤية مستقبلية في شتى المجالات؟. قد يقول قائل: نعم هناك دراسات وسنحصد نتائجها في القريب العاجل!صحيح... كل ما يقال صحيح، لكن السؤال: هل تتناسب هذه الدراسات وطبيعة العصر الذي نعيشه؟ وماذا عن الدراسات السابقة منذ عدة سنوات... لهذا قيل «لو فيه شمس بانت من أمس»!وهل تعالج القصور الذي يلاحظه الطفل الصغير ويعاني منه الشيخ الكبير والمريض والحالم بالعيش الرخاء والعدل والمساواة اللذين نص عليهما الدستور الكويتي؟نجتمع ونتحدث... وهنا نكتب من قلب محب من واقع تجربة ومعرفة لكن لا شيء مما يعرضه المنادون بالإصلاح قد تم الأخذ به أو على أقل تقدير الإشارة إليه.إنها مسألة مرتبطة بقول «إذا وسد الأمر لغير أهله...»، ولهذا أصبحنا نميل إلى «الشكليات» و«البرستيج» و«ثقافة هات ربعك»، وتركنا الضروريات بعد أن تفشى الفساد إلى أن وصلت الترقيات في شتى المجالات!تركنا المعايير والعمل المؤسسي الاحترافي وحصدنا التراجع في كل شيء !جهلنا الحاجة إلى التغيير الإيجابي بعيدا عن العاطفة و«الموالاة» والمفاهيم الخاطئة التي تعتمد عليها بياناتنا بما فيها تكليفات مجلس الوزراء المعنية في زواية «ثرثرة» التي اختصرت تصوير الوضع.هل تريدون النهوض بالمجتمع ومؤسساته وإحداث نقلة نوعية في شتى المجالات، بدءاً من التعليم إلى المشاريع الكبرى مروراً بتحديث النظم الإدارية والصحة وغيرها من المجالات بما فيها معالجة السلوكيات الاجتماعية الدخيلة على مجتمعنا؟إن كنتم تريدون ذلك.... فـ «أعطم الخباز خبزه لو أكل نصفه»، فكل ما تعانون منه لا تتعدى أسبابه تلك التي ذكرناها وغيرنا في مقالات تتكرر في المضمون ولم تجد من يستوعب ما بين سطورها.نعاني من ثقافة «الإصلاح الفعلية» لأننا ببساطة تركنا البحث في الحلول لمن لا يمتلك الكفاءة والجدارة... إنها الخبرة المناسبة والعلم «الصح» ومتى ما تم تغييب هذين العاملين فسنعود لصياغة البيان تلو البيان من دون فائدة تذكر أو فقزة يشار إليها بالبنان... هذا إن كان هنالك بنان باق من أطراف الأصابع نستطيع رفعه!... الله المستعان.terki.alazmi@gmail.comTwitter: @Terki_ALazmi
مشاركة :