يعجبني كثيرًا الإنسان -ذكرًا أو أنثى- الذي يهتم بالصغار ويعطف عليهم، ويراعي حالهم، وهذا ما كان عليه حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الرغم من أنه كان يقود الأمة من المدينة المنورة، إلا أن حاله مع الصغار ونزوله إلى سنهم والأخذ بخاطرهم يُعد من سلوكياته -عليه الصلاة السلام- التي لا يستعيب منها. ذات يوم وهو يخطب على المنبر رأى من بعيد صغيرًا، وظنه أحد أحفاده، فأوقف الخطبة ونزل عن المنبر وحمل الصغير وأوفاه حقه من طيب الخاطر، ثم عاد إلى خطبته، وسيرته العطرة مليئة بمراعاة الصغار والمزح معهم وتبني حقوقهم، ولقد أذهلتني حقًا صورة تلك الشابة الجميلة عضوة مجلس البرلمان الأوربي "ليشيا رينزولي" وهي تحمل على صدرها -بحمالة- طفلتها الرضيعة "فكتوريا"، حيث إنها لا يمكن أن تغيب عن الجلسة لأهمية وجودها، حيث موضوعها كان عن تحسين حقوق المرأة في العمل على مستوى العالم، وفيكتوريا هذه صحبت أمها في البرلمان فترة طويلة دون أي ضجيج، والمعتاد عليه في مجلس البرلمان الأوربي أن هناك غرفة لصيقة للبرلمان مهيئة للأطفال إلى سن محددة، خاصة سن الرضاعة حيث يتعهدهن الأمهات بالطلّة عليهم وضمّهم وإرضاعهم، ذلك أن الثقافة الصحية للصغار -بالذات الرضع- من أولويات المجتمع الأوربي اليوم حماية لهم من أمراض المستقبل. ولو تصوّرنا أن سيدة عندنا في مجلس الشورى يومًا ما اضطرت أن يكون صغيرها الرضيع بين يديها وهي تتحدث في موضوع مهم، كما فعلت "ليشيا" تمامًا، ترى كم من النظرات الحادة ستأكلها، وكم من التعليقات ستُلاحقها، وسيكون معيبًا أمرها، غريب حالها، قد يقول قائل وقد قال: مجلس الشورى ليس مرتعًا للأطفال، أما أنا فأقول: إن من أوجب الواجبات على الأم أن ترعى صغيرها الرضيع، وتكون بجانبه لإرضاعه وإشباعه ليس تغذية فقط، ولكن حبًا وحنانًا وعاطفة. إن المكونات التي تتدفق من الأم تشمل فيما تشمل أجسامًا مناعية وغايات معنوية وحاجات نفسية، لا يمكن لغير الأم أن تصنعها وتمنحها، وإن قال قائل وقد قال: لها الحق في إجازة الأمومة قلنا له: إن غياب الأمهات المتكرر عن المجلس سوف يزداد يومًا بعد يوم، مما يُؤثِّر في قراراته، خاصة إذا كثُر في دورات المجلس المستقبلية مَن هُنَّ في سن حمل وولادة، لكن الحل العملي يكمن في رأيي في تهيئة غرفة أمومة تتيح للأمهات حقهن في الطلّة والرضاعة والرعاية والعناية، مع حضورهن نقاش الجلسات.
مشاركة :