“هندسة” المشاعر ونجاح الحج | ا.د.صالح عبدالعزيز الكريم

  • 10/17/2013
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

الحمد لله الذي منَّ على حجاج بيت الله بأداء فريضة الحج لهذا العام بكل يسر وسهولة، ولا شك أن الحج زمانًا ومكانًا تتطور إمكانياته وأعداده وحشوده، والتقنية الحديثة حاضرة في كل جوانب الحج، والمملكة العربية السعودية البلد المستضيف والراعي الذي يقوم على خدمة حجاج بيت الله، لم تألُ جهدًا في تذليل كل العقبات لخدمة الحجيج، والمتأمل إلى واقع المشاعر كلها بما في ذلك الحرمين الشريفين يجد أن الجانب الهندسي جانب إبداعي، والفكر الهندسي من مستلزمات التطوير، والتخطيط الهندسي بصماته واضحة على تلك المشاعر، وقد تلمّسنا ذلك مبكرًا قبل سنوات؛ عندما تدخّل "الجراح" المهندس في ساحة الجمرات في المشعر الحرام في منى، وغيّر مسارات الدخول والخروج، وأبدع في التصرف الهندسي لرمي الجمرات من خلال تعدد الأدوار وتوسيع مناطقها، فكان نجاح الحج في هذا الجانب، وتطورت وسائل النقل بين المشاعر بأفكار هندسية كان آخرها استخدام القطارات، فكان النجاح في هذا الجانب، وفي داخل الحرم كانت التوسعة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين في التصميم الهندسي وتعدد الطوابق في المسعى الذي من خلالها انتهت أزمة ضيق المكان في أداء نسك السعي، فكان النجاح في هذا الجانب، وهندسة المسجد الحرام نفسه وتوسعة مساحاته الداخلية والخارجية وتشيده على أسس هندسية فائقة النوعية مكّنت الحجاج من أخذ راحتهم وعدم الاحتشاد والزحمة، وشهدت المشاعر كلها (عرفة - مزدلفة - منى) لمسات هندسية وتطورات في التصاميم، ممّا جعل الحاج في يسر من أمره فكان نجاح الحج، واليوم يشهد صحن الطواف توسعة تاريخية؛ سيكون لها أثرها الإيجابي على مزيد من النجاحات المستقبلية للحج. إن كليات الهندسة في الجامعات السعودية شاركت في الإشراف على العديد من المشروعات الهندسية للمشاعر، خاصة جامعة الملك عبدالعزيز التي حظيت بتوجيه من وزارة التعليم العالي في إسناد ذلك الإشراف إليها، ولا شك أن هناك تضافر جهود من جهات عديدة أكسبت الحج النجاح في هذا العام وفي كل عام، فالوزارات الحكومية والجهات المسؤولة في الدولة وعلى رأسها إمارة منطقة مكة المكرمة بتوجيهات أمير الحج الأمير خالد الفيصل لهم دور كبير في إنجاح الحج، أمّا المشاعر الفياضة والداخلية في القلوب، فقد تولّى هندستها الله سبحانه وتعالى من خلال آياته وقرآنه وتوجيهات نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه بحد ذاتها مولد (ضم الميم) أساسي لكل نجاحات الحياة بما في ذلك الحج، لأنها من تقوى القلوب (ومن يُعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين على ما قدَّم ويُقدِّم لحجاج بيت الله الحرام، وكتب الأجر لكل مسؤول.. وكل عام وأنتم بخير. Prof.skarim@gmail.com

مشاركة :