رعد فالح الدليمي يمنح الخزف حروفا من ذهب احتفت العاصمة الأردنية عمّان بالتجربة الفنية للخزاف والخطاط العراقي رعد فالح الدليمي، وذلك من خلال معرض فردي جاء تحت عنوان "حروف وذهب"، والذي ضم ثلاثين عملا خزفيا من مختلف الأحجام والقياسات، تنوعت ما بين الشكل الجداري والإناء الهندسي والمجسم الحر، وقد طغت عليها الألوان الخاصة بماهية فن الخزف، فضلا عن الذهب الخالص.العرب علي إبراهـيم الدليمي [نُشر في 2017/07/21، العدد: 10698، ص(17)]حروف معتقة استخدم التشكيلي العراقي رعد فالح الدليمي في معرضه الأخير الذي أقيم في قاعة مجلس الأعمال العراقي للفنون في العاصمة الأردنية عمّان، والمعنون بـ"حروف وذهب" الأشكال الخزفية الهندسية الحرة بطريقة مبتكرة وغير مملة، معززة بتوظيفه لجمالية وأبعاد الحرف العربي الكوفي القديم، وخصوصا جماليات الخط الكوفي القيرواني الذي من خلاله يمكن تصميم لوحات فنية جميلة تتمتع بالأصالة والتراث. ومعلوم أن هذا النوع من الخط له خصوصية في إبراز التجسيم المعماري في الأشكال الهندسية المتنوعة، كما يعطي للشكل الخزفي الفني بعدا فنيا متميزا وخالصا، غير الجانب الوظيفي المألوف في الخزف الاستهلاكي اليومي واستعمالاته في البيوت المنزلية. وقدم الدليمي في المعرض رؤية معاصرة للفن الإسلامي يمتزج فيها الوضوح الكامل والتجريد دون إبهام مفرط من خلال استخدام الخط العربي كأساس للتشكيل في العمل، وقد قال لـ”العرب” في هذا الخصوص “وظفت الخط العربي في مجمل أعمالي الخزفية كوني خزافا ورساما أيضا”. والجدير بالذكر أن الدليمي يستخدم النقطة ذات الحجم الكبير بشكل ملفت للنظر، إذ تعتبر النقطة المجسمة هي البصمة الشاهدة في أسلوبه الفني، حيث يرى أن “النقطة أجمل أسرار الحروف وهي مصدر التكوين اللفظي والبصري، والحروف المتناثرة بشكل انسيابي ومدروس هندسيا، انفرادا أو مجتمعة، وهي في مفهومي الفلسفي الفكري: البداية والنهاية.. منها المتسع وإليها الانحناء، والفن اتساع مريح يزيل عن الأرواح سلبية النفوس وأوزارها للشعور بالسلام والنشوة الخالصة، وهذا ما ندعو إليه مع كل أوجاع ما نرى ونعاني من خراب شامل”. والدليمي مثلما أشار إليه الفنان أوميد عباس “فنان متميز وله إمكانيات وقدرة عالية على إنتاج أعمال تجمع بين الدقة والجمال من خلال الخطوط والحروف والألوان والزخارف والمنمنمات التي استخدمها في مجمل أعماله”، موضحا أن “أغلب الفنانين العراقيين حاليا بدأوا يعودون للخط العربي، ذلك أنه يتمتع بقيم جمالية وتربوية في آن واحد”. وكون الدليمي خطاطا ومهندسا ومصمما، فإنه يتخذ الجانب الهندسي في تصميم الحروف وإعطائها بعدا معماريا، كما كرّس الرسم والحرف العربي في الخزف لمنحه البعد الجمالي، وكلاهما، أي الخزف والخط، عالمان واسعان وعميقان وبحاجة إلى إمكانية حرفية ومهنية متواصلة كي يستطيع أي فنان أن ينتج أعمالا تليق بهما معا.رعد فالح الدليمي: وظفت الخط العربي في مجمل أعمالي الخزفية كوني خزافا ورساما أيضا ومعلوم أن فن الخزف يتطلب معالجات وخصائص عملية تدخل فيها المعادلات الكيميائية الدقيقة حتى يحافظ العمل الخزفي على جماليته وبريقه المطلوب عند دخوله أجهزة الحرارة (الأفران)، وهو ما أتاه الدليمي في معرضه الأخير، فضلا عن رؤیته المعاصرة للخزف العربي. وبدوره يتميز فن الخط العربي بعالم إبداعي جميل وخاص، خاصة حينما تخرج منه الأشكال الفنية المركبة والجديدة، ومن ثم توظيفها في خامات أخرى، مثلما أدخلها الدليمي في خزفياته المتفردة في المشهد الفني داخل وخارج العراق، على مدى أكثر من عقدين ونيف من الزمن، ومحافظته على قواعد وأصالة الخط العربي وأشكاله وموازینه. وهنا يقول أوميد عباس “استطاع الدليمي أن يمازج ما بين الخزف والخط العربي، وفق رؤيته الخاصة، ويواكب كل ما هو معاصر ومطلوب في شتى المجالات العلمیة والثقافیة والتراثیة وینهل منها كل ما یضیف لفنه ویطوره”. ويذكر الخطاط السوري صالح نسب أنه “على الرغم من عشرات المعارض والمهرجانات التي تقام سنويا في دول عربية وإسلامية للخط العربي، إلاّ أن الطاغي عليها الأسلوب الكلاسيكي والتقليدي”، مضيفا أن “أغلبها خالية من تجارب حديثة ومجددة، إلاّ أن تجربة رعد الدليمي ضمت فنين، أي الخزف والخط العربي، بأسلوب ساحر يجمع بين الأصالة والمعاصرة في الآن ذاته”. ويبين نسب أن “قلة من الخطاطين لديهم محاولات لتحديث الخط وابتكار خطوط جديدة، إلاّ أن هذه التجارب لاقت معارضة من قبل المجتمعات الإسلامية التي تعتبرها محاولات لطمس أصول الفن الإسلامي”. والفنان العراقي رعد فالح الدليمي المولود في محافظة ميسان عام 1963، حاصل على بكالوريوس هندسة مدنية من جامعة بغداد، وهو عضو جمعية المهندسين العراقيين وجمعية الخطاطين العراقيين وجمعية التشكيليين العراقيين. وأقام الدليمي تسعة معارض شخصية توزعت بين العراق والأردن وسوريا، كما شارك في أكثر من عشرة معارض جماعية أقيمت في كل من بغداد والقاهرة وعمّان، وحصد جوائز عديدة في الخزف والخط العربي، وأعماله الفنية مقتناة في العديد من المتاحف العربية والأجنبية.
مشاركة :