بوندارينكو، أستاذي الموسكوبي في النحت كان معلّمًا جيدًا، كان يتأمل ما أعمل عليه ويسألني “ما رأيك؟” كنت أجيبه عادة لا يقنعني.العرب عاصم الباشا [نُشر في 2017/07/23، العدد: 10700، ص(11)]تخطيط: حسين جمعان في كلّ رأس أو جسد توخّيت نحته كنت أقصد منه جمهرة، لأن كلّ امرئ يراه على خلفية تجربته وما من تجربتين سواء. فكلّ عمل إذن بعدد من يتواصلون معه. ذلك الذي لا يحسن الاستماع إلى الصمت لا يعرف ما هي الموسيقى. *** المشغل هو ضرب من المختبر أيضًا. لا يقع بين يديّ حمض (أسيد) إلاّ وأجرّبه لأراقب تفاعل المواد معه. هكذا اكتشفت كيفية منح الحديد لون البرونز المعالج بالأمونياك. أمر لم أصادفه عند الآخرين. لكنّني أجاهر بما أكتشفه لكلّ من يسأل. نعتني صديق بالعته “يا رجل هذا سرّ المهنة!، كيف تهديها بالمجّان؟”. أجبته: لا يخفي المعرفة سوى العاجز غير الواثق بنفسه. *** “بوندارينكو”، أستاذي الموسكوبي في النحت كان معلّمًا جيدًا. كان يتأمل ما أعمل عليه ويسألني “ما رأيك؟” كنت أجيبه عادة “لا يقنعني”، فيربّت على كتفي ويختم ” أنت أدرى”. أفهمني ضرورة الاعتماد على النفس. أجمل إطراء سمعته عن عملي لفظته امرأة يبر *** ودية بسيطة، كما الحياة، قالت “لا أفهم ما تصنع، لكن.. الله يوفقك!”. بسطاء الناس علّموني جوهر الحياة. الكتب حاولت تفسير ذلك. *** السلطان التركي يحتفل بمرور سنة على مسرحية الانقلاب، ويحضّر فرحًا لنصب المشانق. *** العمى.. اكتشفت لتوّي أن جدّي حامد عبدالرؤوف الباشا ولد سنة 1864، كاد يعاصر قريبنا محمد علي باشا، وكان في السابعة أيام كومونة باريس.. *** إسبانيا هي البلد الأوروبي الوحيد الذي ما زال يحتفظ بنصب تمجّد الطاغية فرانكو. تلكم من حسنات اليمين الحاكم.. والاشتراكيين الذين حكموا طويلاً. *** الولد ماكرون (بوّاب المصارف) صار يتصرّف وكأنه نابوليون صغير.. ويبدو أنه يصدّق. على أيّ حال جزيرة سانت هيلينا (هيلانه) ما زالت على الخارطة. لم أصادف دعاءً يُستجاب سوى إمساكي بالمعول والعمل به. *** لم يسبق لي أن صنعت أيّ شيء مستجيبًا لذوق مشتر. لهذا أنا فاشل في الحياة “العملية”. ناهيكم عن “العلاقات” العامة. *** خصوصيات حياة الناس لا تعنيني ما دامت لا تؤذي الآخر. أن يقال أن نيكولاي غوغول كان يعاني من هوس جنسي، لا يلغي عندي معطفه. *** للنحت أداة واحدة: اليد. فلا تتذرّع بنقص الأدوات. *** أثناء العمل مع النماذج العاريات كنّا نعمل ونتناول الإفطار معهنّ عاريات. وكانت العلاقة طبيعية وصحّية، لا تشوبها قذارات المشايخ ومرضى الكبت.. ومنعدمي الشرف. نصيحة للنحاتين الشباب: إذا لم تقل لك المادة شيئًا فلا تقربها. المادة لا تُعانَد. *** الصلصال، وأيّ مادة تنحت بها، تذكّرني بالمرأة التي تحسن معاملتها فتستجيب لأناملك. لا تقربوا العمل بلا حبّ. *** سنة 1980، على الأغلب، يوم صنعت “يبرودية” وجعلتها كصخر جبال يبرود، ما كنت أتخيّل. كنت أنقل عن واقع عايشته. أهديت العمل لصديقي محمد كامل الخطيب، وما زال يحفظه. ربما عاود الظهور يومًا ما. نحات من سورياعاصم الباشا
مشاركة :