لا –لتكميم الافواه وكســر الاقلام وحماية الفاسدين

  • 7/31/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نهاد الحديثــي في عصور الظّلمة الّتي تمرّ بالأمم كان يعمد الباطشـون إلى تقييد حريّة القلم والكتابة، وفي سبيل ذلك يُصلون أرباب الأقلام حرباً لا رحمةَ فيها ولا هوادة، فمن إرهاقٍ إلى سجنٍ، إلى نفيٍ وتشريدٍ. وهم في حربهم هذه يندفعون ضدّ الكُـتَّاب كاشرةً أنيابُهُم أشبه بالكواسر المفترسة حين يُـغريها منظر الدّم فيهيج كلّ غرائزها الوحشـيّة، ولا يهدأ لهم بالٌ، ولا يطمئنُّ لهم خاطر إلا إذا اطمأنوا إلى أنهم حطّموا تلك الأقلام إلى غير عودة إلى الكتابة،وأذلّوا نفوس حملتها إذلالاً لا قومةَ لهم من بعده، ان حرية الرأي وفتح الباب لتعدد الفكر هو المخرج، هو المخلص، هو صمام الأمان لكل أمة وكل شعب وكل مجتمع وكل نظام، وقهر حرية الفكر قد يكون عمل فرد كما كان يحدث قديما في بعض العصور الخالية، وقد يكون عمل الاف الافراد والصحف والكتب كما يحدث احيانا في اكثر المجتمعات تقدما!! ومناسبة هذه المقدمة هي محاولات البرلمان العراقي التصويت على مشروع قانون حرية التعبير والتظاهر حيث أرجأ مجلس النواب للمرة الثالثة، في غضون أُسبوع واحد، طرح قانون “حرية التعبير والتظاهر” المثير للجدل،وجاء التأجيل إثر ضغوط مارستها عشرات المنظمات الناشطة في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان التي ترفض تشريع القانون في الدورة الحالية، لوجود بنود تهدد حرية التعبير وتخشى تلك المنظمات، بحسب برلمانيين، من اعتماد نسخة القانون القادمة من الحكومة التي تحمل بنوداً عقابية وتعطي حرية للحكومة بقبول أو رفض إجراء التظاهرات، وطرح هذا القانون للمرة الاولى في البرلمان عام 2011 وشهد حينها معارضة شديدة من اوساط النشطاء والمهتمين ومنظمات المجتمع المدني، التي اعتبرت ان القانون يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ الدستور العراقي والمواثيق الدولية. واضطر البرلمان العراقي، بفعل ذلك، الى تأجيل تشريع القانون لحين الأخذ بملاحظات ممثلي المجتمع المدني.،وعاد البرلمان مطلع أيار الماضي،عرض مسودة (قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي ) وهو ما اثار سخط الشارع العراقي لاسيما منظمات المجتمع المدني والناشطين والمثقفين حيث نظم(تحالف المادة ٣٨)، وهو مظلة لمنظمات مدنية وناشطين يحمل اسم الفقرة ٣٨ من الدستور التي ضمنت حرية التعبير، مؤتمراً صحفياً وقتذاك، عبر فيه عن رفضة للعودة الى صيغة القانون الحالية وطالب بإجراء تعديلات جوهرية عليه خاصة بعد ان تم اضافة مواد جديدة على مسودة القانون في الفصل الرابع (أحكام عامة وختامية)، تعطي الحق لرئيس الوزراء لمقتضيات المصلحة العامة او الامن القومي “منع أي اجتماع او تظاهرة سلمية وإن كان فيها إخطار مسبق،، كما اضيفت فقرة اخرى لذات المادة تنص على معاقبة كل شخص لم يقدم طلبا تحريرياً الى الجهات الحكومية لتنظيم التظاهرات، بالسجن لمدة لاتقل عن 6 أشهر ولاتزيد على عام واحد. كما رتبت الفقرة الجديدة فرض غرامة لاتقل عن 10 ملايين دينار ولاتقل عن 25 مليون دينار للتظاهر من دون طلب تحريري، كذلك وضعت المسودة عقوبات مالية وبدنية في مواضع اخرى تتعلق بخرق قائمة محظورات ترافق التظاهرات- ومن جملة العقوبات التي تمت إضافتها حول المادة المتعلقة بعقوبة الحبس لسنة وغرامة مليون، حيث تم رفعها الى الحبس 3 سنوات وعقوبة مالية لاتقل عن عشرة ملايين ولا تزيد على 25 مليون دينار، إضافة الى وضع مادة تجيز لرئيس الوزراء إلغاء اي نشاط جماهيري بحسب المقتضيات التي يراها”، لافتة الى ان “القانون تضمن إخطار الجهات المعنية بوقت التظاهر قبل 72 ساعة!!!!! إلى ذلك دخل زعيم التيار الصدري على خط الرافضين لقانون حرية التعبير، معتبرا أن حرية الرأي والتعبير مكفولة في الدستور ولا يحق للبرلمان ولا غيره التعدي عليه وقال الصدر، في رد له على سؤال وجهه أحد اتباعه بشأن موقفه من مشروع قانون حرية التعبير الذي يناقشه البرلمان، إن “حرية الرأي والتعبير مكفولة بالدستور ولا يحق لا للبرلمان ولا لغيره التعدي عليها”. وشدد الصدر أنه “ليس للبرلمانيين التصويت على ما يرفضه الشعب”، مشيرا الى أن من أهم ما أنجز بعد سقوط النظام السابق “إعطاء العراقي حرية إبداء رأيه”. ودعا الصدر “كل الاحرار العراقيين الى منع تكميم الأصوات الناعقة التي تريد تأخير عجلة الإصلاح. وللتذكيرإن العراق من الدول الموقعة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966(ICCPR) والذي تنص المادة 19 منه في بندها الثاني على أن “لكل شخص الحق في حرية التعبير” بما في ذلك “حرية التماس المعلومات والأفكار من جميع الأنواع وتلقيها ونقلها دون اعتبار للحدود سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، في شكل فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”. كما أن أي تقييد لهذه الحرية أو “حرية الاجتماع السلمي” (المادة 21) أو “حرية تكوين الجمعيات” (المادة 22 البند الأول)، لا يحدث إلا للضرورة القصوى وبداعي الحفاظ على “الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة” (المادة 19 البند الثالث والمادة 21 والمادة 22) أو في حالة حرية الاجتماع أو تكوين الجمعيات لغرض “حماية حقوق الآخرين وحرياتهم” (المادة 21، والمادة 22 البند الثاني، و قد شدد الكثير من المختصين والاعلاميين و الناشطين ان زمر الفساد تحاول بإقرار هذه القوانين والتصويت عليها خلق ديكتاتوريات جديدة كما في مشروع منع الصحافيين والاعلاميين من الحصول على المعلومات ، و أنها ستساعد الساسة اللصوص على النهب أكثر، فالمثقفين والمفكرين ورجال القانون قالوا بصوت واحد—- لا يمكننا ان نثق بالبرلمانيين لأننا لا نثق بالبرلمان اصلا ولا بلجانه التي تحاول تمرير قانون حرية التعبير والتظاهر خلسة ، وتبقى الإنتقادات و حرية التعبير والتظاهرات حقوقاً يعتبرها المواطن اساسيات لايمكن المساس بها فهي طريقه للإفصاح عن المعاناة و لعرض آراءه ومواقفه حول القوانين و التصريحات و الاجراءات التي تتخذ ويرى فيها اجحافاً او خللاً يمكن لحق الضرر به وبوطنه معتبرا ذلك حقاً لايمكن التنازل عنه ، كما يكفله له القانون والمبادئ الحقوقية والانسانية العالمية،لذلك نحن نرفض قانونهم جملة وتفصيلا ونصرخ بقوة :لا لتكميم الأفواه،،لا لحماية المزورين والفاسدين.

مشاركة :