لا لتكميم الأفواه!

  • 4/30/2017
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

الحرية هي ما يخالف العبودية. ولم يعد مفهوم العبودية قاصرا على ما تحررت منه البشرية من عقود طويلة، وما نعنيه هنا ممارسة تجارة الرقيق، وإن كانت لا تزال متواجدة بصور وأشكال أخرى. ومنها العبودية لفكرة، أو عادة وتقليد، أو شعارات ومفاهيم، أو رمز ديني، أو سياسي. بيد أن الإنسان عليه أن يسعى للتحرر من جميع أشكال العبودية. فطبيعة الحياة متغيرة ولا شيء ثابت، بما فيه حال وطبيعة الكون كله. وعلى مر الأزمان وعبر تاريخ البشرية المزدحم والطويل، نجد أن الإنسان جُبل على التغيير والتجديد والتطوير، بل وعمل جاهدا وساعيا إلى ذلك. وحدهم الخائفون، الذين يؤدي بهم الخوف إلى التعصب، من يرفضون التفكير والجلوس على موائد النقاش. الذين يجدون في الثبات والجمود صمام أمان لما اعتادوا عليه من أفكار. أفكارهم وقناعاتهم التي قد تكون ليست باختيارهم في كثير من الأحيان، بل تربوا ونشؤوا واعتادوا عليها وتعصبوا لها. مما عمل على برمجتهم تلقائيا على رفض كل فكرة جديدة أو سؤال أو تساؤل، وكل ما هو غير نمطي بالنسبة لما اعتادوا عليه. مثل هؤلاء تجدهم أيضا في الساحات والمنصات والمنابر يفرضون انغلاقهم الفكري على العامة، لضمان إحكام قبضة سلطتهم وتحت مسميات كبيرة. يطالبون بالحريات العامة ومنها حرية الرأي خصوصا، ولكن بالطبع وفق ما يناسب أفكارهم ومسلماتهم وأهواءهم فقط. فهم يعاجلون كل فكرة مختلفة أو طرح جديد أو مجدِّد، بالرفض تهجما وهجوما من دون إفساح أي فرصة لحوار يمتد من العقل إلى العقل. يردون على كل فكرة جديدة أو مجددة بالهجوم وغلق أبواب النقاش. أمثال هؤلاء لا يريدون أن يُسمع صوت لأحد غيرهم. يمارسون دكتاتورية الرأي على أنفسهم وعلى غيرهم، ومن منظورهم على الجميع أن يقبلوا بذلك. ليصبحوا هم بذلك أيضا عبيدا لأفكارهم. في أي شأن كان، ليس من المطلوب قبول الأفكار الجديدة أو الآراء المخالفة أو أي فكرة تعمل على دحض الأفكار الخاصة بنا أو القناعات والمسلمات، ولكن من المهم تقبل كل ما هو جديد على مائدة النقاش والاستماع له والتفكير والتفكر به. من المطلوب أن نتحرر من جمودنا تجاه أفكار قابلة للتساؤل والتحليل والنقد والتمحيص. محاولة تكميم الأفواه وفرض الآراء والاستمرار على الانغلاق والجمود دكتاتورية وعبودية تقتلان الحياة. في ظل كل هذه التحولات والتغيرات من حولنا سينجرف كل الذين يرفضون التغيير نحوه طوعا يوما ما، هي مسألة وقت فقط. قصص التاريخ وأيامنا الحاضرة أيضا تخبرنا بذلك.أسيل عبدالحميد أمينaseel.amin@hotmail.com

مشاركة :