صحافيون سودانيون: لا لتكميم الأفواه

  • 12/9/2021
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

نظم عشرات الصحافيين السودانيين وقفة إحتجاجية أمس أمام مقر إذاعة «هلا إف إم» المحلية، للتنديد باستمرار وقف بث إذاعات محلية ودولية تبث على موجات «إف إم»، عقب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والتي اعتبرتها المعارضة وقوى دولية وإقليمية «انقلاباً عسكرياً». وطالب الصحافيون الذين احتشدوا أمام مقر الإذاعة على شارع النيل بالخرطوم، بالسماح للإذاعات المتوقفة بمعاودة البث فوراً، واصفين ما يحصل بأنه اعتداء على الحريات الصحافية والعامة. ونددوا بالانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والإعلاميون ووسائل الإعلام منذ قرارات البرهان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتواصل السلطات العسكرية وقف بث «إذاعة هلا» المحلية، وإذاعات «بي بي سي»، «مونت كارلو»، و«سوا السودان» الدولية، وإذاعات محلية أخرى. بيد أنها سمحت لبقية الإذاعات بمعاودة البث. وقال مدير إذاعة «هلا» ياسر أبو شمال لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات منذ عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير، كانت تلزم الإذاعات التي تبث على موجة «إف إم» بوضع جهاز البث الخاص بها في محطة محددة بهدف إحكام السيطرة عليها، وبما يمكّنها من إيقاف بث أي إذاعة لا ترضى عنها. وأوضح أبو شمال أن الصحافيين والعاملين في الإذاعة تفاجأوا في صبيحة 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بقطع بث إذاعتهم، ثم اكتشفوا أن السلطات العسكرية أوقفت كل الإذاعات التي كانت تبث على محطة «إف إم». بيد أنها، وبعد خمسة أيام من «الانقلاب»، سمحت لمعظمها بمعاودة البث باستثناء «هلا» وإذاعات دولية أخرى بقيت متوقفة ولم يسمح لها بمعاودة البث مجدداً. وعلمت «الشرق الأوسط» أن المسؤولين في إذاعة «هلا» استفسروا «هيئة البث الرسمية»، التي يترأسها ضابط بالقوات المسلحة، عن أسباب إيقاف بث إذاعتهم، فأبلغهم بأن الإذاعة تنتقد قادة الجيش، في إشارة إلى قادة مجلس السيادة العسكريين، وعلى رأسهم رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان. وقال أبو شمال: «رددنا أمامهم بأننا حين ننتقد قادة المجلس العسكري لا نتعامل معهم باعتبارهم عسكريين، بل سياسيون يمارسون وظائف سياسية». وأضاف أن السلطات المسؤولة عن البث وعدتهم «خيراً»، لكنها لم ترفع بعد القيود عن البث، والمستمرة منذ أكثر من 44 يوماً. وطالب الصحافيون في وقفتهم الاحتجاجية أمس بإعادة البث للإذاعة والإذاعات الأخرى الممنوعة من البث، ورددوا شعارات: «صحافة حرة أو لا صحافة»، «لا لتكميم الأفواه»، وغيرها من شعارات الثورة السودانية. وقالت الصحافية السودانية عائشة السماني، إنها شاركت في الوقفة الاحتجاجية دفاعاً عن حرية الصحافة والحريات بشكل عام. واعتبرت ما حدث لإذاعة «هلا» وبقية الإذاعات الموقفة، تعديا مباشر على الصحافة ووسائل الإعلام بشكل عام. وأضافت: «لقد استهدف الانقلاب منذ أيامه الأولى الصحافيين والصحف. اعتقل صحافيين، واعتدى على مؤسسات صحافية»، وهذه مواقف مناقضة لشعارات الثورة السودانية الوثيقة الدستورية التي كفلت حرية التعبير. وأوضح مراسل إذاعة «مونت كارلو» الدولية إسلام عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عقب الوقفة الاحتجاجية، أن السلطات أوقفت بث إذاعته من دون إبداء أسباب، ولم تسمح لها بمعاودة البث منذ ذلك التاريخ. وقال: «أوقفوا بثنا مع إذاعات أخرى، لكنهم سمحوا لبعضها بإعادة البث، فيما لا نزال ممنوعين عن البث». ولم يتسن الاتصال بإذاعة «راديو سوا سودان» الأميركية. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر قريب من إذاعة «بي بي سي» العربية، ذات السمعة الطويلة في السودان، والتي تحظى باستماع كبير، أن السلطات أوقفت البث، متذرعة بأن الإذاعات الممنوعة من البث أطلقت على قرارات البرهان وصف «انقلاب عسكري». وتراجعت الحريات الصحافية بشكل كبير عقب قرارات البرهان، حيث اعتقلت السلطات أعداداً من الصحافيين، وألقت القبض على مدير قناة «الجزيرة» مسلمي الكباشي، وحققت مع الصحافي شوقي عبد العظيم مطولاً، واستدعت مراسل «الشرق الأوسط» في الخرطوم. وظل الصحافيان، فيصل محمد صالح الذي كان يشغل منصب مستشار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الإعلامي، والصحافي ماهر أبو الجوخ، اللذين ألقت السلطات القبض عليهما، في الاعتقال التحفظي والحبس الانفرادي لأكثر من شهر، قبل أن تفرج عنهما لاحقاً. واعتدت قوات عسكرية على مكاتب صحيفة «الديموقراطي»، ومارست عمليات تخريب للممتلكات والأجهزة، لكنها لم تجد ناشرها الصحافي الحاج وراق هناك، والذي لا يزال مكانه غير معروف. وتراوحت التكهنات بأنه مختبئ في مكان ما، أو أن السلطات ألقت القبض عليه من دون أن تعلن ذلك. كما أغلقت السلطات وكالة الأنباء الرسمية «سونا» وتسلمت مفاتيحها، قبل أن تعيد تشغيلها، وتعيين مدير جديد لها، مكان مديرها السابق محمد عبد الحميد الذي لا يزال مختفياً أو مخفياً هو الآخر.

مشاركة :