الفن وحده كفيل بأن يهب إنسانيتنا المعنى المعبر عنها، ما لم يدفعنا الفن إلى أن نكون أفضل فإنه سيجعل منا مادة للسخرية وهذا بالضبط ما تفعله الأعمال الفنية الهابطة.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2017/07/31، العدد: 10708، ص(16)] اليوم سيكون علينا أن نعيد اكتشاف أنفسنا، لسنا الأفضل بين الأمم، نحن في القاع، لو نظرنا إلى الأسفل فلن نرى أحدا، ولكن لا يكفي أننا تخلينا عن قناعتنا بتفوقنا الوهمي لكي نكون كائنات واقعية. هناك خيال يضعنا في مكان أسوأ من المكان الذي نحن فيه اليوم، الأمور يمكنها أن تكون أسوأ دائما، من فرصة للذهاب إلى المستقبل، قد نختفي في القريب العاجل ولا نترك أثرا يشير إلى مرورنا. الفن وحده كفيل بأن يهب إنسانيتنا المعنى المعبر عنها، ما لم يدفعنا الفن إلى أن نكون أفضل فإنه سيجعل منا مادة للسخرية وهذا بالضبط ما تفعله الأعمال الفنية الهابطة. هناك فن هابط كثير في العالم العربي لا يليق بنا ونحن نواجه سؤال مصيرنا، نكون أو لا نكون. من غير فن يرتقي بأرواحنا وينظف سرائرنا ويزيل الغشاوة عن أعيننا لن يكون في إمكاننا أن ننجو من وحوش المستنقعات التي وقعنا فيها. لم نقع هناك بالصدفة، كل شيء حدث بالتدريج وتحت الأنظار، حين دأبت أنظمة الاستبداد على استعمال الفن في ماكنتها الدعائية كان هناك شيء من روح النزاهة الحقيقية يختفي وسط ضجيج شعبوي غادر. كان نسيج المادة النبيلة التي يتألف منها الفن يتمزق من غير أن تنفع الرتوق التي كنا نحاول أن نلصقها هنا وهناك، كان الفن فضيحتنا بدلا من أن يكون علامة نبلنا، لقد خنا الفن حين وضعناه في مكان لا يليق به فكان علينا أن نتوقع اختفاءه من حياتنا. ما لم ندركه إلاّ متأخرين أن في زوال الفن زوال لنعمة الحياة، من غير فن لن يكون للحياة طعم ولا لون ولا رائحة، لن نتمكن من إعادة اكتشاف أنفسنا إلاّ عن طريق الفن، لن يكون جمال الطبيعة ممكنا إذا غاب الفن، سنكون في وضع أفضل بالتأكيد إذا استعدنا ثقتنا بالفن، الأهم أن يثق الفن بنا. كاتب عراقي فاروق يوسف
مشاركة :