على إحدى صفحات مجلة «الإثنين والدنيا»، في عدد مارس عام 1945، نشر مقالًا للدكتورة نعيمة الأيوبى، تتحدث خلاله عن مشوارها في التعليم. تقول «الأيوبي»: «كنا خمس فتيات، ظمئت نفوسنا إلى ارتياد مناهل العلم في الجامعة.. غير أننا خشينا إثارة الرجعيين.. أولئك الذين نصبوا أنفسهم حماة التقاليد المزعومة.. ورأينا أن نلجأ إلى أستاذنا الدكتور طه حسين بك.. فما أن وقف على رغبتنا حتى وعد بتحقيقها، ونصحنا أن نلتزم الصمت وتجنب إذاعة الخبر حتى لا تخوض فيه الصحف، فيتعذر عليه المسعى. وعملنا بنصيحة أستاذنا، وكانت «مؤامرة» ناجحة، إذ فوجئ الرأي العام بنبأ قبولنا في الجامعة، ولكن بعد أن أصبح القبول نهائيًا». وتضيف: «كان الجو الجامعي غريبًا علينا، وكنا غرباء فيه.. كان الجميع يرقبون حركاتنا وسكناتنا.. وأينما اتجهنا أحاطت بنا الأنظار، كأننا مخلوقات عجيبة تظهر على الأرض للمرة الأولى. وكنا نتحاشى أن نتحدث إلى الطلبة، أو نقترب من الأماكن التي يكثر وجودهم فيها، وإذا حيانا أحد تجاهلنا التحية. وهكذا أمضينا وقتا طويلاً، في شبه عزلة، حديثنا همس، وخطواتنا استراق. وكانت المرة الأولى التي سمع فيها الطلبة صوتي، حينما اعتدت السلطات على استقلال الجامعة، فثرت مع الثائرين، ووقفت اخطب في نحو 1800 طالب وبدت الدهشة على وجوه الطلاب وهم يسمعون صوتي للمرة الأولى.. وراحوا يتضاحكون قائلين: (نطق أبوالهول). وتوليت قيادة الطلبة، خارج حجرات الدراسة، واستمر الإضراب عن تلقي الدروس ثلاثة أسابيع. وكم كانت غبطتي حينما دعاني العميد ذات يوم، وطلب إلى أن اعمل على إعادة الطلبة إلى الجامعة، كما عملت على إخراجهم.. بعد أن زالت أسباب الإضراب.. وجاشت في نفوسنا- خلال سنين الدراسة- أمنية التبريز في ضروب الرياضة، لكننا لم نجسر على الإفصاح عن هذه الأمنية.. فظلت حبيسة في صدورنا والآن، وبعد أن عجنا الحياة، حلوها ومرها، استطيع أن أقول أن اختلاط الطلبة بالطالبات، لا ينجم عنه أي ضرر بل على العكس.. انه يكسب الفتاة حصانة ومناعة.. إذ أن الحجر لا يحمي الفتيات ولا يصونهن.. ويجب أن تشعر الفتاة انها مسئولة عن نفسها، وأن لها من أخلاقها خير حصن..». يرى فى الصورة خريجات الدفعة الأولى من طالبات الجامعة، ويرى فى الصف الأول من اليمين، «الدكتورة نعيمة الأيوبى والأنسة فاطمة سالم، وخلفهما السيدة زهيرة عبدالعزيز والدكتورة سهير القلعاوى، والسيدة فاطمة فهمى»، وقد أخذت لهن هذه الصورة عقب تخرجهن فى الجامعة لمواجهة الحياة العامة بما تسلحن به من علم وثقافة.
مشاركة :