• مر طفل صغير مع والده في السوق على دكانة لألعاب الأطفال فطلب من أبيه أن يشتري لعبة اختارها ورغب فيها فسأل الوالد البائع عن الثمن فقال له 50 ريالًا فقال الأب لابنه دعها يا بني فهي باهظة الثمن.. فسكت الطفل على مضض وفي نفسه حسرة، وتمرّ الأيام وبعد سنتين يمر الأب وطفله من نفس المكان والدكانة في ذات السوق فيرى الأب اللعبة التي تعلّق بها الابن من قبل فنظر الابن إليها باستحياء فسأله الأب: هل تريدها يا بني ؟ فأومأ برأسه أي نعم فسأل الأب البائع عن الثمن فقال 80 ريالًا فدفع الثمن فورًا لشرائها فاندهش الابن من تصرّف الأب وسأله: كيف اشتريتها اليوم يا أبتاه بثمن أكبر من ذي قبل وقد رفضت شراءها من قبل وكانت بثمن أقل!! فقال: الأمر في غاية البساطة والحكمة يا بني.. فبالأمس لم يكن عندي ما يكفي من المال لأشتري لعبة لك لأن عليّ التزامات للبيت واخوتك.. ولا فائض مال عندي، أما اليوم فالأمر اختلف فرغم ارتفاع ثمن اللعبة إلا أنني استطيع شراءها ولو أشريتها من قبل لقصرّت مع أهلك وكنت سأقترض.. والقصة قديمة مَرْوية عن كبارنا تكشف جانبًا من أساليب التربية وصناعة الأجيال.. فالرجل يريد أن يلّقن ابنه درسًا يستفيد منه. • وقد وعظ لقمان ابنه مرة فقال: يا بني حملت الجندل والحديد وكل شيء ثقيل فلم أحمل شيئًا أثقل من جار السوء والزوجة السيئة والدين..، وذقت المرار فلم أذق شيئًا أمر من الفقر وناكر المعروف.. يا بني لا ترسل رسولًا جاهلًا فإن لم تجد حكيمًا فكن رسول نفسك، فو الله أن بعض الرسل يكونون وبالًا يورث الكره والبغضاء والسوء بين مرسليهم..، يا بني: لا تأكل شبعًا على شبع فإن إلقاءك إياه للكلب خير لك من أن تأكله. • إن النظرة السريعة الفاحصة لحال بعض الأبناء والبنات في جيل اليوم تنبئك بمستقبل قاتم لهؤلاء الذين سيحملون أمانة التربية والنهضة في قابل الأعوام إلا من رحم ربي، وهؤلاء هم مخرجات التربية والتدليل والتسيّب الذي ترتكبه بعض الأسر في مجتمعنا ممن توفر عندهم المال فاعتقدوا أن من مظاهر التقدم والعطف والحنان على الأبناء والبنات هو المزيد من الإنفاق للتعبير عن الحب حتى تتحول العلاقة بين الأبناء ووالديهم إلى روابط مادية ويصل الأمر بالنشء إلى اعتبار أن التعبير عن الحب هو المال، وأن ما يجدونه من إنفاق هو طبيعي وواجب وملزم وأي تقصير فيها يحاسبون عليه الأب ويلومون الأسرة وينتقدونها.. لأنها قصرّت في حقوقهم على حد زعمهم لأنهم نشأوا على هذه الفلسفة الخاطئة.. • إن مظاهر التربية المخملية التي كست معالم بعض العائلات اليوم تنذر بكارثة، فالبعض استخدم المال في إفساد الأبناء والبنات بالذات فمن أخطر ما يرتكب في حقهن بذل المزيد من الترف والتسيّب لأنهن سيقبلن على حياة وأزواج الله وحده يعلم بسرّها وسلامتها وسوف يدفعن ثمن الدلال وعدم الاكتراث ونقص الوعي والمعرفة وعدم الاعتماد على النفس وسوف يدفعن ثمن ذلك باهظًا وسيتذكرن ذلك جيدًا بعد فوات الأوان.. وعلى رأي البردوني الشاعر (فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري) ولكن هيهات إذا كان أحد الأبوين جاهلًا لا يفهم غير لغة المال والدلال يفسد فيها الأبناء والبنات ويحطّم مستقبلهن بعد أن يقدّم للمجتمع مالا يصلح للمشاركة في بناء أسرة أو رعاية بيت.. • ومشكلة الأبناء والبنات أنهم لا يدركون فظاعة ما يحاق بهم وما يستدرجون إليه من فساد أخلاق واتكالية ولا مسؤولية وسوف يتمنون لحظة من لحظات الأب أو الأم بعد موتهما ويتذكرون فداحة ما آل إليه حالهم وما قابلوه من قسوة المجتمع وسوف يقارنون حينها الوضع والمعاملة ويدركون كيف جحدوا النعمة وبطروا العيش حينما يعاقبهم الله ويتعبون في معيشتهم ويتمنون لحظة يعتذرون فيها أو يتوبون ويطلبون الصفح ولكن هيهات وقد فات الأوان فالأيام لا تعود.. والحياة سلف ودين وسيدفعون ثمن ما قدّموا ويتحسرون على ما كانوا فيه من نعم.. يكفي أنهم فقدو حضن وحنان ودعوات من كان الله يرحمهم من أجله.. فكيف بمن أساؤا إلى أبويهم أو ضيعوا برهما أو أدركوهما ولم يغفر لهم وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه قيل: من يا رسول الله قال: من أدرك أبويه عند الكبر ولم يدخلاه الجنة. وقال أهل اللغة رغم أنفه معناة ذلّ وقيل كره وخزي وهو بفتح العين وكسرها وهو من الرغم وأصله لصق أنفه بالرغام وهو التراب المختلط بالرمل فمن قصر مع أبويه أو أحدهما أصابه الذل والرغام ومنعه ذلك من دخول الجنة..، إنها الأخلاق التي نشأ عليها جيلنا فكنا نقدّس أبوينا ونبرّهما ونخاف من عصيانهما وتقشعر أبداننا أن أعلن أحدهما غضبه علينا وخاصة غضب ودعاء الأب فالله المستعان. دوحة الشعر: ساعدته لما اشتكى ونصرته وفرشت أرض شهامتي فأقاما يارب ما أخزى نفوسًا طبعها رد الجميل خساسة ونقاما مولاي قد تعبت ظنون قلوبنا نهدي الثمار.. ونحصد الآلاما alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :